” وَإِنْ كَانَ الْمُجَادِلُ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ وَلَا فِقْهَ عِنْدَهُ يُقَالُ لَهُ: قَدْ قَالَتِ الْأَقْدَمُونَ: الْمُحَدِّثُ بِلَا فِقْهٍ: كَعَطَّارٍ غَيْرِ طَبِيبٍ، فَالْأَدْوِيَةُ حَاصِلَةٌ فِي دُكَّانِهِ،
وَلَا يَدْرِي لِمَاذَا تَصْلُحُ، وَالْفَقِيهُ بِلَا حَدِيثٍ: كَطَبِيبٍ لَيْسَ بِعَطَّارٍ، يَعْرِفُ مَا تَصْلُحُ لَهُ الْأَدْوِيَةُ إِلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ عِنْدَهُ.
وَإِنِّي بِحَمْدِ اللَّهِ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدِي الْحَدِيثُ وَالْفِقْهُ وَالْأُصُولُ وَسَائِرُ الْآلَاتِ مِنَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْمَعَانِي وَالْبَيَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَنَا أَعْرِفُ كَيْفَ أَتَكَلَّمُ وَكَيْفَ أَقُولُ وَكَيْفَ أَسْتَدِلُّ وَكَيْفَ أُرَجِّحُ،
وَأَمَّا أَنْتَ يَا أَخِي -وَفَّقَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكَ-: فَلَا يَصْلُحُ لَكَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّكَ لَا تَدْرِي الْفِقْهَ وَلَا الْأُصُولَ وَلَا شَيْئًا مِنَ الْآلَاتِ،
وَالْكَلَامُ فِي الْحَدِيثِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ: لَيْسَ بِالْهَيِّنِ، وَلَا يَحِلُّ الْإِقْدَامُ عَلَى التَّكَلُّمِ فِيهِ لِمَنْ لَمْ يَجْمَعْ هَذِهِ الْعُلُومَ.
فَاقْتَصِرْ عَلَى مَا آتَاكَ اللَّهُ، وَهُوَ أَنَّكَ إِذَا سُئِلْتَ عَنْ حَدِيثٍ تَقُولُ: وَرَدَ أَوْ لَمْ يَرِدْ، وَصَحَّحَهُ الْحُفَّاظُ وَحَسَّنُوهُ وَضَعَّفُوهُ، وَلَا يَحِلُّ لَكَ فِي الْإِفْتَاءِ سِوَى هَذَا الْقَدْرِ، وَخَلِّ مَا عَدَا ذَلِكَ لِأَهْلِهِ”.
الحاوي للفتاوي 2/277.