يحكى عن الإمام الجويني إمام الحرمين رحمه الله تعالى، أن أباه اكتسب من عمل يده مالاً خالصاً من الشُّبهة، اتصل به إلى والدته، فلما ولدته له حرص على ألا يُطعمه ما فيه شبهة، فلم يمازج باطنَه إلا الحلالُ الخالص، حتى إنه تلجلج مرة في مجلس مناظرة، فقيل له: يا إمام، ما هذا الذي لم يعهد منك؟
فقال: ما أراها إلا آثار بقايا المصة!.
قيل: وما نبأ هذه المصة؟
قال: إن أمي اشتغلت في طعام تطبخه لأبي، وأنا رضيع، فبكيت وكانت عندنا جارية مرضعة لجيراننا، فأرضعتني مصة أو مصتين، ودخل والدي، فأنكر ذلك، وقال: هذه الجارية ليست ملكاً لنا، وليس لها أن تتصرف في لبنها، وأصحابها لم يأذنوا لها في ذلك، وقلبني وفوعني حتى لم يدع في باطني شيئاً إلا أخرجه، وهذه اللجلجة من بقايا تلك الآثار.
الكتاب : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي
فانظر لنفسك كم تلجلجت في العمل وفِي الكلام وفِي أحوال القلب!
وانظر ماذا تطعم ولدك وتسقيه وتكسوه!!!