• الرئيسية
  • شبهات وردود
    شبهات على الدين الإسلامي شبهات العقيدة شبهات القرآن الكريم شبهات السنة النبوية شبهات السيرة النبوية شبهات الفقه الإسلامي شبهات التاريخ الإسلامي
  • قضايا فقهية
    تعريف الفقه وأهميته الاستنباط والاجتهاد فتاوى فقهية معاصرة مسائل فقهية معاصرة فوائد فقهية من المذاهب الأربعة
  • كتب وتحقيقات
    رسائل منوعة كتب قديمة كتب معاصرة رسائل علمية مختصرة بشرائح (بوربوينت) كتب من تحقيقنا
  • من نحن
  • اتصل بنا
زدني إيمانازدني إيماناشعار موقع زدني إيمانازدني إيمانا
  • العقيدة الإسلامية
    • عقيدة وتوحيد
      • الإيمان بالقضاء والقدر
    • حدثني عن الله ﷻ
    • حب الله ﷻ
    • حب النبي ﷺ
    • الحب في الله ﷻ
    • الله ﷻ موجود بلا مكان ولا جهة
    • ماذا قال الغرب عن وجود الإله ﷻ
    • أقوال العلماء في التكفير
  • القرآن الكريم
    • علوم القرآن الكريم
      • إضاءات على ألفاظ القرآن
      • رسم القرآن الكريم
      • اللغة العربية
    • القرآن الكريم وتدبره
    • فضائل القرآن الكريم
    • دورات القرآن الكريم
      • نصائح لمعلم القرآن الكريم
      • نصائح لمتعلم القرآن
      • كيف تحفظ القرآن
      • كيف تتعلم التجويد
      • منهاج الدورات العلمية مع القرآن
      • مقاصد سور القرآن الكريم
    • ماذا قال الغرب عن كتاب الله ﷻ
  • السنة النبوية
    • الحديث النبوي الشريف
      • سلسلات في الحديث النبوي
      • كيف تحفظ حديث رسول الله
      • الأحاديث المشتهرة على الألسن والصفحات الإلكترونية
      • الحديث الضعيف
        • العمل بالحديث الضعيف
    • السيرة النبوية الشريفة
  • قضايا فقهية
    • تعريف الفقه وأهميته
    • أسس الفتوى وقواعدها
    • الاستنباط والاجتهاد
    • مسائل فقهية معاصرة
      • العبادات
        • الصلاة
        • الصيام
        • الزكاة
        • الحج
      • المعاملات
      • الأحوال الشخصية
      • الحظر والإباحة
    • فوائد فقهية من المذاهب الأربعة
      • الحنفي
      • المالكي
      • الشافعي
      • الحنبلي
    • قواعد فقهية
  • الدعوة إلى الله
    • أهمية الدعوة
    • أساليب الدعوة
      • شخصِية الداعي
      • أعمال الداعي
      • نوع الخطاب
    • مفاهيم دعوية
    • الدعوة والدعاة
      • من أعلام الدعاة
      • قصص الدعاة
  • شبهات وردود
    • شبهات العقيدة
    • شبهات القرآن الكريم
      • شبهات في التفسير
    • شبهات في أحكام القرآن
    • شبهات السنة النبوية
      • شبهات القرآنيين في الطعن في السنة
      • شبهات في الأحاديث معانيها وأحكامها
    • شبهات السيرة النبوية
    • شبهات الفقه الإسلامي
    • شبهات التاريخ الإسلامي
    • شبهات الملحدين
  • التربية الإيمانية
    • تعريف التربية الإيمانية
    • أهمية التربية الإيمانية
    • أسس التربية وأركانها
    • أساليب تربوية ناجحة
    • نصائح تربوية
      • نصائح للوالدين
      • نصائح إلى الأبناء
      • إلى أهل التربية
  • المرأة والإسلام
    • مكانة المرأة في الإسلام
    • شبهات تطعن بالإسلام من خلال المرأة
    • صفات المرأة الصالحة
    • ماذا يريد الغرب من المرأة
    • نصائح للحياة الزوجية (البيوت السعيدة)
  • الأذكار والأوراد
    • فوائد الذكر وأهميته
    • سلسلة ما يقال
    • مناجاة وأدعية
  • الآداب الإسلامية
    • الأدب مع الله
    • الأدب مع كتاب الله ﷻ
    • آداب التعايش مع الناس
    • آداب طالب العلم
  • إلى طالب العلم
    • أهمية طلب العلم
    • إلى أهل العلم و العلماء
    • نصائح هامة الى طلاب العلم
    • أهم العلوم وكتبها
    • أهمية الكتب لطالب العلم
    • كيف تتدرج في طلب العلم
    • أهمية السلوك والتربية لطالب العلم
  • تراجم العلماء وأخلاقهم
    • وصايا الصالحين
    • من السلف الصالح
    • العلماء المشاهير من أئمة المسلمين
    • من العلماء المعاصرين
    • أمهات يصنعن علماء
    • طفولة العظماء
    • انحراف العلماء المعاصرين
  • الرقائق والأخلاق
    • فضائل الشهور والأعمال
    • تزكية النفس وأهميتها
    • الصفات المحمودة
    • الصفات المذمومة
    • أمراض القلوب وآفاتها
    • الكبائر والصغائر
    • حكم ومواعظ
    • تسلية أهل المصائب
    • قصص الصالحين وحكاياهم
  • قصص وروايات وأشعار
    • قصص
      • قصص الصالحين وحكاياهم
      • قصص معاصرة
      • قصص للأطفال
      • قصص قديمة
    • أشعار
      • شعر الصحبة
      • أشعار معاصرة
      • أشعار قديمة
    • دواوين
    • مسابقات
  • كتب وتحقيقات
    • رسائل منوعة
    • كتب معاصرة
    • كتب قديمة
    • كتب من تحقيقنا
    • رسائل علمية مختصرة بشرائح (بوربوينت)
  • مكتبة آل الملا
    • أخلاق ورقائق
    • فوائد فقهية
  • الرئيسية
  • 05- شبهات وردود شبهات القرآنيين
  • [ 2 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ: كفالة الله للقرآن لا للسنة
[ 1 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ : تدوينُ الحديثِ
2021-09-20
[ 3 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ : ما فرطنا في الكتاب من شيء
2021-09-20

[ 2 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ: كفالة الله للقرآن لا للسنة

تصنيفات
  • شبهات القرآنيين
  • شبهات القرآنيين في الطعن في السنة
وسوم
  • السنة النبوية
  • حفظ السنة
  • شبهات
  • شبهات وردود

 

التفصيل

 

مِنَ الشّبهاتِ الّتي ردَّدَها المستشرقونَ قولهُمْ : لَو كانَتِ السّنةُ ضَروريّةً لحَفِظَها اللهُ كَما حَفظَ القرآنَ في قَولِهِ تَعالى :{ إنَّا نَحنُ نَزَّلْنا الذّكرَ و إنَّا لَهُ لحافِظونَ } ، وَلأمَرَ النّبيُّ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلّم – بِكتابَتِها كَما أمرَ بِكتابةِ القُرآنِ .

 

وقولُهم في الحديثِ الّذي يَقولُ فيهِ النّبيُّ – صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ : – ( أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ القُرآنَ ومِثلَهُ مَعَهُ) ، : لَو كانَ هذا الحديثِ صَحيحاً لما نَهَى النّبيُّ – صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم – عَنْ كتابةِ السّنةِ ، وَلأمَرَ بِتدوينِها كمَا دَوَّنَ القرآنَ ، وَلا يُمكنُ أنْ يَدعَ نصفَ ما أوحِيَ إليهِ بينَ النّاسِ بِغَيرِ كتابةٍ ، وَلا يَكونُ حَينَئذٍ قدْ بَلَّغَ الرّسالةَ وأدَّى الأمانةَ كامِلَةً إلى أهلِها ، وَلماذا تَركَ الصّحابةُ نِصفَ الوَحي وَلمْ يُدوّنوهُ ، فَبإهمالِهِمْ لَهُ يُصبحونَ جَميعاً منَ الآثمينَ .

 

 

الرّدُّ الأوَّلُ : قالَ في كتابِ شُبهاتِ القُرآنيينَ حَولَ السّنّةِ النّبويّةِ [ص: 130] أ.د. محمود محمد مزروعة :

 

” إنَّ اللهَ – عَزَّ وجلَّ – أنزلَ القرآنَ الكريمَ بِلفظِهِ وَمَعناهُ، فَالقرآنُ كَلامُ اللهِ – سُبحانَهُ-، لِذا كانَ جَديرًا بأنْ يَحفظَهُ اللهُ – سُبحانَهُ – وَيصونَهُ أنْ يُحرَّفَ أو يُبَدَّلَ ، وَلِأنَّ القرآنَ كَذلِكَ لمْ تَجُزْ رِوايَتُهُ بالمعنى.

 

أمّا السّنةُ فهيَ وَحيُ اللهِ تعالى إلى رسولِهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ ، أوحى اللهُ تعالى بِما فيهَا منْ أحكامٍ وتَشريعاتٍ إلى نبيِّهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، ثمَّ صاغَهَا النّبيُّ بِكلامِهِ ، وَلأنَّ السّنةَ ليسَتْ كلامُ اللهِ تعالى، فَقدْ أجازَ العلماءُ رِوايتَها بِالمعنى ، ولمْ يُطلقْ العُلماءُ هذا الحكمَ بِلَا ضَوابطٍ أو حدودٍ ، بلْ وضعُوا لراوي الحديثِ بِالمعنى ضَوابِطَ وشروطًا بحيثُ لا تَجوزُ رِوايَتُهُ الحديثَ بِالمعنى إلَّا إذا توفَّرَتْ فيهِ هذهِ الضَّوابطُ والشّروطُ .

 

ورأسُ هذهِ الشّروطِ أنْ يَكونَ عارِفًا بالعربيّةِ ، عَالماً بِألفاظِهَا ، ومَدلولاتِ تِلكَ الألفاظِ ، بَصيرًا بِعلاقاتِ الألفاظِ بعضِها بِبعضٍ ، مِنْ تَرادفٍ واشتراكٍ وتَبايُنٍ وغَيرِ ذَلكَ .  

 

فإنْ كانَ الرّاوي على هذا العلمِ جازَ لَهُ روايةُ الحَديثِ بِالمعنى، لِأنَّ في مَعرفَتِهِ بالأمورِ الّتي ذكرْناهَا أمانًا مِنَ الخَطَأ في مَعاني الأحاديثِ الّتي يَرويها، وإنْ لمْ تَتوفَّرْ لَهُ هذهِ الشّرائطُ فَلا تَجوزُ لَهُ الرّوايةُ بالمعنى .

 

أمَّا الزّعمُ بأنَّ اللهَ تعالى لمْ يَحفظْ سُنّةَ نبيّهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ؛ فإنْ كانَ المرادُ أنَّهُ تعالى لمْ يَحفظْها بِألفاظِها، فهذا مسلمٌ، وقدْ بيّنا أنَّ السّنةَ لَيسَتْ بحاجَةٍ إلى نفسِ الألفاظِ، بلِ الحاجةُ إلى مَعانيها المنضَبِطَةِ ولَو رُويَتْ بألفاظٍ أخرى لا تُخلُّ بِالمعنى .

 

وقَدْ رَوى الخَطيبُ البَغداديُّ أنَّ أمَّ المؤمنينَ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنْها ، قالَتْ لِعروةَ بنِ الزّبيرِ : ( يا بُنيَّ ، يَبلغُني أنَّكَ تَكتُبُ عنّي الحديثَ ، ثمَّ تَعودُ فَتَكتُبهُ ، فَقُلْتُ لَها : أسمعُهُ مِنكِ عَلى شَيءٍ ، ثمَّ أعودُ فَأسمَعُهُ على غَيرِهِ ، فَقالتْ : هلْ تسمعُ في المعنى خِلَافَاً ؟ قُلْتُ : لا ، قالَتْ : لا بأسَ بِذلِكَ ) . [رواه الخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية ، (ص 205)]

 

فَالمعنى إذا كانَ بِنفسِ اللّفظِ أو انْضَبَطَ بِألفاظٍ مُشابهةٍ فَلَا بأسَ بِهِ .

 

أمَّا إنْ كانَ المرادُ أنَّ اللهَ تعالى لمْ يَحفظِ السّنةَ مُطلَقاً لَا بِألفاظِهَا وَلا بمعانيها، وأنَّها ضُيّعَتْ ؛ فَذلِكَ كَذِبٌ وافترَاءٌ عَلَى اللهِ تعالى وَعَلى رَسولِهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، وعَلى الأمّة المسلمةِ ، وَجحدٌ ونُكرانٌ لجهودٍ عَظيمةٍ مُميّزةٍ قامَ بها عُلَماءُ السّنةِ عَبرَ تاريخِ الإسلامِ .

 

والحقُّ أنَّ اللهَ سُبحانَهَ تَكفّلَ بِحفظِ كتابِهِ ، وَمنْ خِلالِ حفظِ كتابِهِ تَكفَّلَ اللهُ تعالى ضِمنيَّاً بحفظِ سنّةِ نبيّهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، ذَلكُمْ أنَّ الكتابَ بحاجةٍ إلى السّنةِ الّتي تبيّنُهُ ، كمَا قالَ عزَّ وجلَّ : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل:44] . فَالسنّةُ ضروريّةٌ للكتابِ ، وهيَ إلى جانبِ الكتابِ ضَروريّانِ للدّينِ، فَمنْ حِفظِ اللهِ تعالى كِتابهِ أنْ يحفظَ السّنةَ الّتي تُبيّنُهُ وتفصّلُهُ، فإنّ القرآنَ بحاجةٍ إليها ومنْ حفظِ اللهِ تعالى دينَهُ كي يعرفَهُ الخلقُ الّذينَ كلّفهمْ اللهُ بهِ ، وَيحاسبُهُمْ عَلَيهِ ، أنْ يَحفظَ كتابَهُ وسُنّةَ نبيّهِ ، فإنَّ الدّينَ بحاجةٍ إليهِما .

 

 لِذلكَ كانَ مِنْ قَدَرِ اللهِ سُبحانَهُ ، أنْ هيّأَ لِسُنّةِ نبيّهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ هؤلاءِ الأعلامَ الّذينَ بذَلُوا في حِفظِ السّنةِ ما لمْ يعرفْ لَهُ تاريخُ العلومِ والثّقافاتِ مَثيلاً مِنْ قَبلُ ولا مِنْ بَعدُ .                  وَما كانَ لِيتِمَّ لَهمْ ذلكَ إلَّا بِتوفيقٍ مِنَ اللهِ تعالى وهدايةٍ وَتأييدٍ ، فَقدِ ابتدعُوا نِظاماً لِحفظِ السّنةِ وَمعرفةِ صَحيحِها بِدرَجاتِهِ ، مِنَ الضّعيفِ بدرجَاتِهِ ، مِنَ الموضوعِ ، واخترَعُوا مِنَ الوَسائلِ المعرفيّةِ وَالمناهِجِ العلميّةِ ما هوَ مُعجزٌ في بابِهِ ، كُلُّ ذلكَ على غَيرِ مِثالٍ سابقٍ لا عِندَ العَربِ ، وَلا عِندَ غَيرِ العربِ مِمَّنْ كانَتْ لهُمْ ثقافاتٌ وفلسفاتٌ ، وكانَتْ لهمْ أديانٌ ، وكانُوا الأكثرَ حاجةً إلى تَمحيصِ مَكتوباتِهِمْ وأسفارهِمْ الدينيّةِ ، ولكنّهُمْ لمْ يصِلُوا إلى ما وَصَلَ إليهِ عُلَماءُ الإسلامِ ولا إلى قريبٍ مِنهُ . وقدْ شَهدَتِ الأممُ جَميعُها بأنَّ عُلماءَ السّنةِ قدْ أتَوا في بابِ جَمعِها وَتَصنيفِها، وَتمييزِها ، وَمعرفةِ الصّحيحِ منَ الضّعيفِ منَ الموضوعِ . ما لمْ تعرفْهُ الأممُ منْ قبلُ .

 

والسّؤالُ : هلْ كانَ هذا يُمكِنُ أنْ يتمَّ دونَ تَوفيقٍ مِنَ اللهِ سُبحانَهُ وهدايةٍ ومَعونةٍ وإرشادٍ ؟

 

إنَّهُ تَوفيقُ اللهِ تعالى لحفظِ سُنّتِهِ الّذي هوَ منْ حِفظِ كتابِهِ ، لِحاجةِ الكتابِ إلى السّنةِ في بيانِهِ وتَفصيلِهِ، وَحاجةِ دينِ اللهِ الإسلام إلى الكتابِ والسّنةِ جَميعاً ” .

 

 

الرّدُّ الثّاني: إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ كَما أرادَ لِهذِهِ الشّريعةِ البقاءَ والحفظَ ، أرادَ سبحانَهُ أيضاً ألَّا يُكلّفَ عِبادَهُ مِنْ حِفظِها إلَّا بِما يطيقونَ وَلا يَلحَقُهُمْ فيهِ مَشقّةٌ شَديدةٌ ، فَمِنَ المعلومِ أنَّ العَرَبَ كانُوا أمَّةً أميّةً ، وكانَ يَندُرُ فيهِمُ الكَتَبَةُ ، وكانَتْ أدواتُ الكِتابةِ عزَيزةً ونادِرةً ، حتَّى إنَّ القُرآنَ كانَ يُكتَبُ على جَريدِ النَّخلِ والعِظامِ والجلودِ ، وقدْ عاشَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ بينَ أصحابِهِ بعدَ البعثةِ ثلاثاً وعِشرينَ سنةً ، وِلهذا كانَ التّكليفُ بكتابةِ الحديثِ كُلّهِ أمْرا ًفي غايةِ الصّعوبةِ والمشقّةِ، لأنّهُ يَشملُ جميعَ أقوالِهِ وأفعالِهِ وأحوالِهِ وتَقريراتِهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ ، وَلِما يحتاجُهُ هذا العَملُ مَنْ تَفرّغِ عددٍ كبيرٍ مِنَ الصّحابةِ لَهُ ، مَعَ الأخْذِ في الاعتبارِ أنَّ الصّحابةَ كانُوا مُحتاجينَ إلى السّعي في مَصالحِهِمْ ومَعايشهِمْ ، وأنَّهُمْ لمْ يَكونُوا جَميعاً يُحسِنُونَ الكِتابةَ ، بلْ كانَ الكاتِبونَ مِنْهُمْ أفراداً قَلائلَ ، فَكانَ تَركيزُ هؤلاءِ الكتبةِ مِنَ الصّحابةِ عَلى كِتابةِ القرآنِ دونَ غيرِهِ حتّى يُؤدُّوهُ لِمنْ بَعدهمْ تامّاً مَضبوطاً لا يَنْقُصُ منهُ حرفٌ .

 

ومِنْ أجلِ ذلكَ اقتصرَ التّكليفُ على كتابةِ ما يَنزِلُ مِنَ القرآنِ شَيئاً فَشيئاً ، حتّى جُمِعَ القُرآنُ كُلُّهُ في الصُّحُفِ ، وكانَ الخَوفُ مِنْ حدوثِ اللّبسِ عِندَ عَامّةِ المسلمينَ فَيَختلِطَ القُرآنُ بِغَيرهِ ، وَخصوصاً في تلكَ الفترةِ المبكّرةِ الَتي لمْ يَكتملْ فيها نزولُ الوَحي ، أحد َالأسبابِ المهمّةِ الّتي مَنعَتْ مِنْ كِتابةِ السّنةِ .

 

ثُمَّ إنَّهُ لمْ يحصلْ لِحفّاظِ السّنةِ في عَهدِ الصّحابةِ ما حصَلَ لِحفّاظِ القرآنِ ، فَقدِ اسْتَحَرَّ القَتلُ بِحفّاظِ القرآنِ مِنَ الصّحابةِ ، أمّا السّنةُ فإنَّ الصّحابةَ الّذي رَوَوا الحديثَ عَنْ رَسولِ اللهِ صَلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ كانُوا كُثراً ، ولمْ يَحصلْ أنْ استحرَّ القتلُ فيهِمْ قَبلَ تلقّي التّابعينَ عَنهُم .                    وِمنَ الأسبابِ أيضاً أنَّ السّنةَ كانَتْ متَشعَبَةَ الوَقائِعِ وَالأحداثِ فلا يُمكِنُ جَمعُها كُلّها بِيقينٍ ، وَلَو جَمَعَ الصّحابةُ ما أمْكَنَهُم فَلَرُبّما كانَ ذلكَ سَبباً في رَدّ ِمَنْ بَعدِهِمْ مَا فاتَهُمْ منْها ظَنَّاً منْهُمْ أنَّ ما جُمِعَ هوَ كُلُّ السّنةِ ، ثُمَّ إنَّ جَمعَها في الكتبِ قَبلَ اسْتحكامِ أمرِ القرآنِ كانَ عرضةً لأنْ يُقبِلَ النّاسُ على تلكّ الكتبِ ، وَيَدَعُوا القرآنَ ، فَلذلكَ رأَوا أنْ يَكتفُوا بِنَشرِها عَنْ طريقِ الرّوايةِ ، وَبعضِ الكتاباتِ الخاصّةِ .

 

أضفْ إلى ذلكَ أنَّ القرآنَ يختلفُ عنِ السّنةِ مِن حيثُ أنّه متعبَّدٌ بِتلاوتِهِ ، مُعجِزٌ فِي نَظمهِ وَلا تَجوزُ رِوايتهُ بالمعنى ، بل لا بدَّ مِن الحفاظِ على لفظِهِ المنَزَّلِ ، فَلو تُركَ للحَوافِظِ فَقط لما أَمنَ أن يُزادَ فيهِ حرفٌ أو ينقصَ منهُ ، أو تبدَّلَ كلمةٌ بأخرى ، بينما السّنة المقصودُ منها المعنى دونَ اللّفظِ ، وَلذا لَم يتعبَّدِ اللهُ الخلْقَ بِتلاوتِها ، ولم يتحدَّاهُم بنَظمِها ، وتَجوزُ رِوايتُها بالمعنى ، وفِي روايتِها بالمعنى تيسيرٌ على الأمّةِ وتَخفيفٌ عنها في تحمُّلِها وأدائِهَا .

 

وقد بلَّغَ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم الدّين َكلَّه وشَهِدَ اللهُ لهُ بِهذا البَلاغِ فَقالَ سُبحانه : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } [المائدة:67] ، ووجودُ السّنةِ بينَ الأمّةِ جَنباً إلى جنبٍ معَ القُرآنِ الكَريمِ فيهِ أبلغُ دلالةٍ على تبليغِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم إيَاها لِأمتِهِ ، وبَالتّالي لَم يَضعْ نِصَفَ مَا أوحَاهُ اللهُ إلى نبيّه صلّى الله عليه وسلم كَما زَعَم الزّاعمونَ، بلِ الجَميعُ يعلمُ أنَّ الصحابةَ رضيَ اللهُ عنهم كانوا يتمتَّعونَ بحوافظَ قويةٍ ، وقلوبٍ واعيةٍ ، وذكاءٍ مُفرطٍ ، ممّا أعانهم على حفظِ السّنةِ وتبليغِها كما سمعُوها ، مُستجيبينَ في ذلكَ لحثِّ نبيّهم – صلّى اللهُ عليهِ وسلّم – لهُم فِي الحديثِ الّذي رواهُ التّرمذي و غيرهُ بقولهِ  (نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ). [رواه الإمام أحمد] .

 

فتمَّ ما أرادَهُ النّبيُّ – صلى الله عليه وسلم – مِن حفظِ السّنةِ وتبليغِها ، ويكونُ بذلكَ – صلى الله عليه وسلم – قدْ بلّغَ دينَ اللهِ عزَّ وجلَّ كامِلاً ولمْ يَنقصْ منهُ شَيئاً .

 

 

مشاركة
14

المقالات المرتبطة

2022-03-21

شبهة هل القرآن يغني عن السنة؟


اقرأ المزيد
2021-09-20

[ 8 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ : اختلاف المحدثين بالتوثيق


اقرأ المزيد
2021-09-20

[ 7 ] شُبُهاتُ القُرآنيِّينَ


اقرأ المزيد

اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أحدث المقالات

  • نماذج من زهد وورع علماء أهل الرأي: حفص بن غياث النخعي
  • ما يريده العلم من طلبته
  • نماذج من زهد وورع علماء أهل الرأي: خلف بن أيوب

تصفح يوم معين

أبريل 2023
س د ن ث أرب خ ج
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930  
« مارس    

الأرشيف

تصنيفات

يا حبيبي يا محمد- ربي قد عظم ذنبي

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/روحي-فدا-لك-ربي-قد-عظم-ذنبي.mp3

جد بلطفك

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/جد-بلطفك-بدون-إيقاع.mp3

في زمن الجور

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/حلمٌ-مبرور.mp3

فيَ حبٌ

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/في-حب.mp3

أيقنت أن الله

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/ايقنت-ان-الله.mp3

تسمعني رباه

https://zedniemana.com/wp-content/uploads/2022/01/تسمعني-رباه-2.mp3

بحث سريع

من نحن نحن مؤسسة إسلامية علمية دعوية تشكلت من فريق عمل تطوعي تنوعت اختصاصاته العلمية والشرعية وتوحدت رؤيته وغايته لبناء موقع إسلامي معاصر مستفيداً من التكنلوجيا المعاصرة والتقنيات الحديثة والبرامج الالكترونية والاستعراضية بمقالات مختصرة لمن أراد الاختصار وتفصيل لمن أراد المزيد. غايتنا: إيصال الفكر الإسلامي الصحيح والمشرب الإيماني الصافي المنضبط بالكتاب والسنة النبوية وبفهم الأئمة الأعلام من علماء السلف والخلف الثقات مع الحرص على البعد عن الجدل العقيم وكل ما هو محدث وشاذ عن إجماع علماء الأمة في الفكر والفهم. هدفنا : الوصول لكل باحث عن الحقيقة مريد للحق وأهله باغٍ للخير وطرقه لكل خائف من الشبهات أن تزيغه أو الشهوات أن تميل به أو المسائل الحالكة أن تضله فنعينه بعون الله  في رد شبهة أو جواب مسألة أو نصح لمن أراد النصيحة وعظة من أراد الموعظة *************
جميع الحقوق محفوظة لموقع © 2021 زدني إيماناً. | Designed by Eyad Merai