الاستنباط والاجتهاد

(حُكمُ اتِّباعِ المذاهبِ الأربعةِ)

الحمدُ للهِ و الصلاةُ على سيّدِنا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

كَثُرَ السؤالُ عن هذهِ المسألةِ والنّقاشِ بها

و قدْ خرجَتْ فتاوى تَنتشِرُ عبرَ المواقعِ أو رسائلٌ صغيرةٌ مفادُها : نبذُ كلامِ الفقهاءِ و الأئمةِ الأربعةِ، ووجوبُ الأخذِ مِنَ الكِتابِ و السُّنَّةِ بحجّةِ أنَّ اتِّباعَ المذاهبِ تفرقةٌ للدّينِ و للأمَّةِ، و أنَّ الأئمةَ الأربعةَ رضيَ اللهُ عنهم كانوا يَنهَونَ عنِ التَّقليدِ،و كانوا يأمرونَ أنْ تُترَكَ أقوالُهم إنْ خالفَتْ حديثاً صحيحاً و غيرَ ذلكَ من الحججِ الواهيةِ.

وسَأوجزُ لكم إخوتيَ الكرامَ : آراءَ الفقهاءِ في هذهِ المسألةِ و أدِلَّتَهم في عدَّةِ أبحاثٍ صغيرةٍ مُستعيناً باللهِ تعالى :

تمهيد :

أولاً : ينبغي أنْ نَعلَمَ أنَّ علماءَ الأمَّةِ و فقهاءَها من الصَّحابةِ و التَّابعينَ اختلَفوا في مسائلِ الأحكامِ الّتي هيَ فروعُ الشّريعةِ سواءٌ كانَتْ عباداتٍ أو معاملاتٍ ،

و رُغمَ اختلافِهم فما خاصمَ أحدٌ أحداً، ولا عادى أحدٌ أحداً، ولا نَسَبَ أحدٌ أحداً إلى خطأٍ ولا قُصورٍ .

و هذا الاختلافُ راجعٌ لأسبابٍ عديدةٍ مِن أهمِّها :

1 ــ أنْ لا يكونَ الدَّليلُ قدْ بلَغَ أحدَهُم، أو بلَغَهُ ولمْ يَثبُتْ عندَه، أو ثَبَتَ عندَهُ لكنَّهُ لا يراهُ يَدُلُّ على المقصودِ، أو أنَّهُ منسوخٌ، أو أنَّ له معارضاً أرجحَ منهُ..

2 ــ اختلافُهم في فَهمِ نصوصِ الكِتابِ و السُّنَّة ــ و هذا أهمُّها و أكثَرُها ــ

و هذا الاختلافُ لسبَبَينِ :

الأولُ : طبيعةُ النُّفوسِ البشريّةِ الَّتي يميلُ بعضُها إلى الأخذِ بالعزائمِ والتَّشدُدِ ،أو تميلُ إلى الرُخَصِ و الأخذِ بالأيسَرِ . فأكثرُ خلافِ الفُقهاءِ قائمٌ بين التَّشَدُدِ و التَّرَخُصِ ،و هو ما يُسمَّى : (العزيمةُ و الرُخصَةُ )

ثانياً : طبيعةُ نصوصِ الكِتابِ و السُّنَّةِ الَّتي تَحمِلُ في معانِيها عِدَّةَ أوجهٍ في اللّغةِ العربيَّةِ ، وهو ما يُسمِّيه الفقهاءُ ( ظنيُّ الدَّلالةِ و قطعيُّه ).

و لو شاءَ اللهُ لجعلَ النصوصَ كلَّها قَطعيَّةَ الدَّلالةِ، و لكنْ لمْ يردِ اللهُ ذلكَ لتَختلِفَ الأمَّةُ، و تجتهدَ في فَهمِ النّصوصِ و استنباطِ الأحكامِ .

و هذا الاختلافُ لا ينبغي أنْ تَضيقَ صدورُنا بهِ، ولا نَحسبَهُ تجزئةً في الدِّينِ، وإنَّما نراهُ مِنْ مظاهرِ نشاطِ فقهاءِ المسلمينَ و هو في جُلِّهِ يَرجِعُ على الأمَّةِ بالسَّعَةِ و الرَّحمةِ .

فالأمَّةُ لا يَسَعُها قولٌ واحدٌ، و لا مذهبٌ واحدٌ، و إلَّا وقعَ النَّاسُ بالحرَجِ و الضِّيقِ .

نقلَ ابنُ تيميّةَ عنِ الإمامِ أحمدَ أنَّ رَجُلاً صنَّف كتاباً في الاختلافِ، فقالَ لهُ الإمامُ: (لا تُسَمِّه كتابَ الاختلافِ، ولكنْ سَـمِّهِ كتابَ السَّعَةِ ).

قالَ الإمامُ أحمدَ : ( لا ينبغي للفقيهِ أنْ يَحمِلَ النَّاسَ على قولِهِ، أو في المَسائلِ العقائديّةِ المُختلَفِ فيها بينَ السَّلَفِ ).

ولمّا عُرِضَ على الإمامِ مالكٍ رَحمَهُ اللهُ حَمْلُ النّاس على ”موطئِه”، رفضَ حَملَهُم على مذهبٍ واحدٍ، حُباً في التَّوسِعةِ عليهِم، فأجابَ هارونُ الرَّشيدِ بقولِهِ: (إنّ أصحابَ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ اختلفوا في الفروعِ، وتفرّقوا في الآفاقِ، وكُلٌّ عندَ نفسِه مُصيبٌ ).

لذلكَ نصَّ الفقهاءُ على هذهِ القاعدةِ الذهبيّةِ :(( اتّفاقُهم حجةٌ قاطِعةٌ ،و اختلافُهُم رَحمةٌ واسِعةٌ ))

وقالَ السّيوطي في جَزيلِ المواهبِ في اختلافِ المذاهبِ:( اعلمْ أنَّ اختلافَ المذاهبِ في الـمِلَّةِ نعمةٌ كبيرةٌ وفضيلةٌ عظيمةٌ، ولهُ سِرٌّ لطيفٌ أدركَهُ العالمونَ وعَمِي عنهُ الجاهلون) .

المسألةُ الثانيةُ :( ظهورُ المذاهبِ الأربعةِ) :

لمَّا كَثُرَتْ الشُّبهاتِ على الإسلامِ بكَثرةِ أعدائِها، وكَثرَةِ الفِرَقِ الضَّالَةِ فيها ،انبرى أئمةٌ يَحفظونَ للأمَّةِ عقيدةَ السَّلَفِ …

و كذلكَ في الحديثِ النبويِّ، لمَّا دَخَلَ فيهِ ما ليسَ منهُ، و بدأَ الوُضَّاعُ بوَضعِ الأحاديثِ، انبرى المحدِّثونَ يَضعُونَ قواعدَ للحديثِ بما سَمّوهُ مُصطَلحَ الحديثِ.

و كذلكَ لمَّا انتشرَ الإسلامُ و كَثُرَتْ المسائلُ و المستجدَّاتُ، كان لِزاماً على علماءِ الأمَّةِ أنْ يَضَعوا قواعدَ و أحكاماً ينضبِطُ بها النَّاسُ حتَّى صارَتْ مدارسَ في الفقهِ ،هذهِ المدارسُ سمّوها مذاهبَ، فوصلَتْ هذهِ المذاهبُ إلى عشرةِ مذاهبٍ ، فشاءَ اللهُ أنْ تَذهبَ هذه المذاهبُ، و لا يبقى منها إلَّا أقوالُ أئمتِها ،و حَفِظَ اللهُ المذاهبَ الأربعةَ الَّتي وصلَتْ إلينا بقواعدِها و ضوابطِها: الحنفيةَ و المالكيةَ و الشافعيةَ و الحنابلةَ .

فحينَما نقولُ: مذهبُ الإمامِ أبي حنيفةَ لا يعني أنَّ المذهبَ محصورٌ بأقوالِ الإمامِ، بلْ إنَّما هي خُلاصةُ أقوالِهِ أو أقوالِ تلامذتِهِ و مدرستِهِ الَّتي ضبطَتْ و نقَّحَتْ ،ففي كلِّ عصرٍ و في كلِّ مذهبٍ خرجَتْ علماءٌ بَرعوا في ضبطِ هذهِ المذاهبِ و تنقيحِها و ترجيحِ القويِّ من الضَّعيفِ، و الفتوى بالأقوالِ الَّتي تُناسِبُ كلَّ عَصرٍ و زمانٍ ممَّا لا يَخرُجُ عن قواعدِ المذهبِ و ضوابطِهِ . كالسرخَسي و ابنِ عابدين من الحنفيةِ و ابنِ عبدِ البرِّ و ابنِ رُشدٍ من المالكيّةِ و النَّوَوِي و الرَّافعيّ من الشَّافعيّةِ و ابنِ قدامةَ و ابنِ القيّمِ من الحنابلَةِ .

يقولُ الإمامُ وليُّ اللهِ الدّهلَوي في كلٍّ من كتابِهِ الإنصافِ (ص53) وحجةِ اللهِ البالغةِ (ج1 ص132ط الخيرية) ما نصَّهُ : “إنَّ هذهِ المذاهبَ الأربعةَ المدوَّنةَ المحرَّرَةَ، قدِ اجتمعَتِ الأمَّةُ أو مَنْ يعتدُّ بهِ منها على جَوازِ تقليدِها إلى يومِنا هذا وفي ذلكَ من المصالِحِ ما لا يخفى، لا سيَما في هذهِ الأيّامِ الَّتي قَصُرَتْ فيها الهممُ جداً ،وأُشرِبَتِ النُّفوسُ الهوى، وأُعجِبَ كلُّ ذي رأيٍ برأيهِ”.

المسألةُ الثالثةُ : حكمُ اتّباعِ المذاهبِ الأربعةِ :

لا يمكنُ للنَّاسِ أنْ تستخرجَ الأحكامَ من الكِتابِ و السُّنَّةِ اعتماداً على فهمِها ، و إلَّا لصارَتْ المذاهبُ بعدَدِ الخلائقِ، و بُدِّلَتِ الأحكامُ و ضاعَ الدِّينُ ، لذلكَ قالَ الإمامُ سفينانُ بن عُيَينَةَ : الأحاديثُ ( أحاديثُ الأحكامِ )مُضِلَّةٌ إلَّا للفقهاءِ .

لذلكَ قَسَّمَ الفقهاءُ النَّاسَ على قِسمَينِ : مُجتَهدٌ ومُقلِّدٌ.

فالمجتهدُ : هو مَنْ مَلَكَ أهليَّةَ الاجتهادِ و شُروطِها ليَستنبِطَ الأحكامَ من الكِتابِ و السُّنَّةِ.

و المُقلِّدُ : هو الذي لمْ يصلْ إلى أهلِيَّةِ الاجتهادِ سواءٌ كان عالماً أو مُتعلِّماً أو أُمِّياً.

وجمهورُ الفقهاءِ أنَّ المقلِّدَ يَشمَلُ: العامّيَّ المَحْضَ؛ لعَجزِهِ عنِ النَّظَرِ والاجتهادِ، والعالِمَ الذي تعلَّمَ بعضَ العلومِ المعتبرةِ في الاجتهادِ، ولكنَّه لمْ يَبلغْ رُتبةَ الاجتهادِ، فكلٌّ منهُما يلزمُهُ التَّقليدُ.

و دليلُ ذلكَ : قولُهُ جلَّ جلالُهُ : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل43

قالَ الإمامُ القُرطبي : أجمعَ العلماءُ على أنَّ الآيةَ أمرٌ لِمَنْ لا يعلَمُ الحُكمَ ولا دليلَهُ باتِّباعِ مَنْ يَعلَمُ ذلكَ، وقدْ جعلَ عامَّةُ علماءِ الأصولِ هذهِ الآيةَ عُمدَتَهمُ الأولى في أنَّ على العاميِّ تقليدُ العالِمِ المجتهدِ، ومثلُ هذهِ الآية في نفسِ الدَّلالَةِ قولُه تعالى : {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }التوبة122 فقدْ نهى اللهُ تعالى أنْ يَنفُرَ النَّاسُ كافَّةً للغزوِ والجهادِ، وأمرَ ببقاءِ طائفةٍ منهمُ يتفرَّغونَ للتَّفقّهِ في دِينِ اللهِ، حتَّى إذا عادَ إخوانُهم إليهم، وجدوا فيهِم مَنْ يُفتِيهم في أمرِ الحلالِ والحرامِ، وبيانِ حُكمِ اللهِ عزَّ وجلَّ (انظرْ تفسيرَ الجامعِ لأحكامِ القرآنِ (8/293/294)

فالتقليدُ : (هو العَملُ بقولِ المجتهدِ من غيرِ معرفةِ دليلِه معرفةً تامَّةً) . و طالما أنَّ اللهَ حَفِظَ هذهِ المذاهبَ الأربعةَ، و قَيَّدَ لها في كلِّ عصرٍ مَنْ يَخدُمُها و يُنقِّحُها و يُجدِّدُها ، و قدْ تلَقَّتِ الأمَّةُ المذاهبَ بالقَبولِ ، كانَ على المؤمنِ ( غيرِ المُجتهدِ ) أنْ يُقلِّدَ في دينِهِ أحدَ هؤلاءِ الفُقهاءِ الأربعةِ ،

يقولُ الشَّيخُ محمد حسنين مخلوف في كتابِهِ: “بلوغِ السول” تحتَ عنوانِ “استناد أقوال المجتهدين إلى المآخذِ الشرعيّةِ”:

“وقدِ اعتبرَ الأصوليون وغيرُهُم أقوالَ المُجتهدينَ في حقِّ المقلِّدينَ القاصِرينَ كالأدِلَّةِ الشَّرعيَّةِ في حقِّ المُجتهدينَ، لا لأنَّ أقوالَهُم لذاتِها حجةٌ على النَّاسِ تَثبُتُ بها الأحكامُ الشّرعيَّةُ، كأقوالِ الرُّسلِ عليهمُ الصَلاةُ والسَّلامُ، فإنَّ ذلك لا يقولُ بهِ أحدٌ؛ بل لأنَّها مستندةٌ إلى مآخذٍ شَرعيّةٍ بَذلوا جُهدَهم في استقرائِها ،وتمحيصِ دلائلِها مع عدالتِهم، وسِعَةِ إطِّلاعِهِم واستقامةِ أفهامِهم وعنايتِهم بضبطِ الشّريعةِ وحِفظِ نصوصِها.

قالَهُ الإمامُ علي بن عقيل الحنبلي في كتابِهِ الواضحِ في أصولِ الفقهِ (ج 5 ص459)وقدْ سُئِلَ صاحبُنا أحمدُ عنِ الرَّجلِ يكونُ عندَهُ الكُتبٌ فيها الأحاديثُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، واختلافُ الصّحابةِ، ولا يَعرِفُ صحةَ الأسانيدِ ولا الصحيحَ من غيرِه هل يأخذُ بما شاءَ من ذلكَ؟ فقالَ : لا بلْ يَسألُ أهلَ العِلمِ.

قالَ ابنُ عقيلٍ : فقدْ جعلَهُ عامّياً ولمْ يُجزْ لهُ الأخذَ بشيءٍ مِن ذلكَ، فكانَ ذلكَ دليلاً على أنَّهُ لا يجوزُ أن يفتيَ غيرَهُ لأنَّ تقليدَ الكُتبِ وأقوالِ الصحابةِ إذا لمْ يكنْ معهُ معرفةٌ غيرُ موثوقٍ بها فيصيرُ بذلكَ مقلِّداً لِما لا يجوزُ تقليدُهُ وهو المخبَرُ، والمخبرُ لا يُقلّد كذلكَ الكتابُ ولهذا يُمنعُ العاميُّ أنْ يعملَ بآي المُصحفِ فإنَّهُ لا يَعرِفُ الناسخَ من المنسوخِ ولا الخاصَّ من العامِّ ولا المصروفِ عن ظاهرِهِ بالدَّلالةِ إلى غيرِ ما نطقَتْ بهِ الآيةُ . اهـ

قالَ إمامُ الحرمينِ الجويني في كتابِهِ البرهانِ “2/744”:

“أجمعَ المحقِّقون على أنَّ العوامَّ ليسَ لهم أنْ يتعلَّقوا بمذاهبِ أعيانِ الصَّحابةِ رضيَ اللهُ تعالى عنهمُ، بلْ عليهِم أنْ يتَّبعوا مذاهبَ الأئمةِ الذينَ سبروا ونظروا وبوَّبوا الأبوابَ وذكروا أوضاعَ المسائلِ، وتعرَّضُوا للكلامِ على مذاهبِ الأوَّلينَ، والسببُ فيهِ أنَّ الذين دَرجوا وإنْ كانوا قدوةً في الدِّينِ وأسوةً للمسلمين؛ فإنَّهم لمْ يفتنوا بتهذيبِ مسالكِ الاجتهادِ، وإيضاحِ طُرُقِ النَّظرِ والجِدالِ وضبطِ المَقالِ، ومَنْ خَلْفَهُم مِنْ أئمةِ الفقهِ كَفَوا مَنْ بَعْدَهُمُ النظرَ في مذاهبِ الصحابةِ، فكان العاميُّ مأموراً باتباعِ مذاهبِ السابرين”. اهـ

قالَ الإمامُ النفراويُ المالكي في الفواكهِ الدّواني على رسالةِ ابنِ أبي زيدٍ القيرواني (1/ 24): “وامتناعُ تقليدِ غيرِ الأربعةِ إنَّما هو لعدَمِ حفظِ مذاهبِهم فلا يُنافي أنَّ جميعَهُم على خيرٍ مِنَ اللهِ وهُدى، وليسوا على ضلالٍ ولا بِدعَةٍ”.

وقالَ الإمامُ أبو الحسنِ المرداوي الحنبلي في الإنصافِ في معرفةِ الرَّاجحِ مِنَ الخِلافِ (11/ 178): “وقالَ في الإفصاحِ: الإجماعُ انعقدَ على تقليدِ كلٍّ مِنَ المذاهبِ الأربعةِ وأنَّ الحقَّ لا يَخرُجُ عنهمُ”.

وقالَ الحافظُ ابنُ رجبٍ الحنبلي ت 795 هـ وألَّفَ رسالةً دلَّلَ فيها على عدمِ جوازِ تقليدِ غيرِ المذاهبِ الأربعةِ المشهورةِ[2]، وممَّا قالَهُ فيها : “وقدْ بيَّنا عِلَّةَ المَنْعِ مِنْ ذلكَ؛ وهو أنَّ مذاهبَ غيرِ هؤلاءِ لمْ تشتهرْ، ولمْ تنضبطْ، فرُبّما نُسِبَ إليهمُ ما لمْ يقولوهُ، أو فُهِمَ عنهمُ ما لمْ يريدوهُ، وليسَ لمذاهبِهم مَنْ يذبُّ عنها، ويُنبِّهُ على ما يَقَعُ مِنَ الخَلَلِ فيها، بخلافِ هذهِ المذاهبِ المشهورةِ” . واللهُ أعلمَ .

كتبه محمد يسر الشماع