وقصَّتُه مع آخر منزلٍ يبنيه
كانَ هناكَ نجّارٌ( أي بَنَّاء ) تقدّمَ بهِ العمرُ ، وطلبَ من صاحب ِالعملِ أنْ يحيلَه على التقاعدِ ليقضيَ بقيةَ عمرِهِ مع زوجتِه وأولادِه ، ولكنَّ صاحبَ العملِ رفضَ طلبَ النجارِ ورغبتَه في زيادةِ راتبِه ، إلا أنَّ النجارَ أصرَّ على طلبِ التقاعدِ .
فقالَ لهُ صاحبُ العملِ: إنَّ لي عندَك رجاءً أخيراً، وهو أن تبنيَ منزلاً وسيكونُ هذا آخرُ عملٍ لكَ ، وبعدَ الانتهاءِ منه سأوافقُ على طلبِ التقاعدِ ، فوافقَ النجارُ على مضضٍ.
وبدأَ النجارُ العملَ ، ولعلمِه أنّ هذا البيتُ سيكونُ الأخيَر لم يحسنِ الصنعةَ ؛ فاستخدمَ مواداً رديئةً ، وأسرعَ في الإنجازِ دون َالجودةِ المطلوبةِ .
وكانت الطريقةُ التي أدّى بها العملَ نهايةً غيرَ جيدةٍ لعمرٍ طويلٍ من الإنجازِ والتميزِ والإبداع .
وعندما انتهى ” النجارُ العجوزُ ” من البناءِ سلّمَ صاحبَ العملِ مفاتيحَ المنزل ِالجديدةَ ، وطلبَ منه السماحَ له بالرحيلِ ، غيرَ أنَّ صاحبَ العمل ِاستوقفَه وقالَ له ُ:
” إنَّ هذا المنزلُ هو هديتي لك نظيرَ سنينَ عملِكَ معي فآملُ أنْ تقبلَهُ منّي !! “
فصُعِقَ النجارُ منَ المفاجأةِ …. لأنّه لو عَلِمَ أنه يبني منزلَ العمرِ ما توانى في الإخلاصِ في إتقانِ عملِه .
قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّم (إنّ اللهَ تعالى يحبُّ إذا عمِلَ أحدُكم عملاً أنْ يتقنَه )
لو تجاهلْنا موقفَ صاحبِ العملِ في إهداءِ النجارِ ذلك البيتِ هل كانَ يُعقَلُ أنْ يدمّرَ النجارُ سمعتَه التي بناها طيلةَ تلكَ السنين في آخرِ عملٍ له ُ؟