المفتي: الشيخ عطية صقر .
السؤال
1- ما حكم الذى ينشأ في مجتمع كافر ولم تبلغه الدعوة الإسلامية، ولم يسمع عن شيء اسمه الإسلام ،أو بلغه الإسلام ولكن بصورة مشوهة ثم مات ولم يسلم ؟ .
الجواب
لقد تحدث العلماء عمن لم تبلغهم الدعوة وعن الذين لم يدركوا نبيا سابقا أو لاحقا وهم أهل الفترة ، وأطنب في بيان حكمهم كثيرون من العلماء كإمام الحرمين في البرهان والغزالي في المستصفى والمنخول والرازي في المحصول والباقلاني في التقريب وغيرهم .
وتناول حكمهم رجال الفقه والأصول والكلام ، بناء على القاعدة الأساسية فى الحسن والقبح هل هما عقليان أم شرعيان ، كما تحدثوا عن المؤاخذة وعدمها هل هي في الدنيا فقط أم الدنيا والآخرة إلى آخر ما تحدثوا فيه . ومما استشهدوا به قوله تعالى:{وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} الإسراء :15 ، أي أن اللّه لا يهلك أمة بعذاب إلا بعد الرسالة إليهم ، كما قال الجمهور، وقالت فرقة : هذا عامٌّ في الدنيا والآخرة لقوله تعالى : {كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير . قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا} الملك : 8 ، 9 .
وورد في أهل الفترة أحاديث في أنهم موقوفون إلى أن يمتحنوا يوم القيامة ، والصحيح من هذه الأحاديث ثلاثة .
إن الذى لم تبلغه الدعوة في عصرنا هذا أمثال سكان الكهوف والأدغال والجزر النائية الذين لا يعرفون وسائل الاتصال بالعالم من حولهم ، وهم قلة في هذا الزمان الذى كثرت فيه وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وغيرها ، وكثرت الرحلات وتنافس الاستعمار في استغلال مناطق الأرض .
ومن سمع بأن هناك رسولا جاء بدين اسمه الإسلام وجب عليه أن يبحث عنه إن استطاع ، فإن لم يسمع أو سمع ولم يستطع البحث كان معذورا ، كما قال العلماء .
وقد اشترط العلماء في لزوم الدعوة لمن بلغتهم أن تبلغهم صحيحة غير مشوهة ، فإذا وصلت مشوهة كانوا معذورين في عدم الإيمان بها ، وقد نص على ذلك الإمام الغزالي في كتابه “فيصل التفرقة” فبعد أن ذكر أن أكثر النصارى من الروم والترك في زمانه ناجون لعدم بلوغ الدعوة إليهم ، قال : بل أقول : حتى الذين بلغتهم دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مشوهة فعلمهم أهلوهم منذ الصبا أن كذابا مدلسا اسمه محمد ادعى النبوة كذبا فهؤلاء عندي كالصنف الأول ، أي ناجون ، وأما سائر الأمم الذين كذبوا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد علمهم بالتواتر ظهوره وصفاته ومعجزاته الخارقة، وعلى رأسها القرآن ، وأعرضوا عنه ولم ينظروا فيما جاء فيه فهم كفار. اهـ ملخصا .
وعلى هذا نقول : إن من لم تبلغه الدعوة أصلا، أو بلغته مشوهة أو بلغته صحيحة ولم يقصر في البحث والتحري فهو معذور ، أي يرجى له عدم الخلود في النار .
فتوى فضيلة المفتي الشيخ الدكتور مصطفى الزّرقا _ رحمه الله تعالى ـ :
ما رأي فضيلتكم بالفتوى القائلة بأن الأوربيِّين والأمريكيِّين من النَّصارى لا يُمكن أن يُعْتبروا في حُكْمِ الكُفّار الأصليِّين المُعاندين الذين ظهرت لهم البيِّنة من أهل الكتاب، لأنهم لم يتبلَّغوا الإسلام، ولا يَعرفون عنه أيَّ شيء غير الاسم وبعض المَعلومات المضلِّلة، وقد صدرت هذه الفتوى عن بعض العلماء الذين زاروا أوروبا أو أمريكا كثيرًا أو تردَّدوا عليهما، وعايَنوا جهل سكّان تلك البلاد بالإسلام.. أفتونا تؤجروا والسلام.
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ليسوا سواءً: فمنهم مثقَّفون عرَفوا الإسلامَ ودعوتَه إجمالاً فهؤلاء قَطعًا كفّار إذا لم يُسلِموا. ومنهم عوامُّ لم يسمَعوا بالإسلام، أو يسمعون من القُسُس وغيرِهم أنّ المسلمين قوم وَثَنِيِّون يعبدون شخصًا اسمُّه محمّد، ويسمُّونهم محمّديِّين!! ولا شكّ أن المسلمين مقصِّرون في واجب الدعوة وشرح الإسلام لغير المسلِمين، كلٌّ بلغتِه التي يفهَمها، فهؤلاء من الصّعب أن يُحكمَ عليهم بالكفر ما لم يُبلَّغوا الإسلام، فهؤلاء كأهل الفَترة من النّصارى وغيرهم قبل مجيء الإسلام؛ لأنّ الكفر معناه أن الشّخص دُعِيَ وشُرح له ولم يستجِب. هذا ما يبدو لي. والله سبحانه أعلم