عميد كلية الشريعة في دمشق -سابقا- [ص167]
ورئيس قسم الأديان والفرق في شريعة دمشق
رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
وبعد فهذه خلاصة ما نعرفه من حكم الشريعة الإسلامية في التدخين
إن التدخين لم يرد فيه بخصوصه نص بتحريمه كالخمر والخنزير ونحوهما، وكل ما لم يرد نص خاص بتحريمه يدخل في جملة المباحات
نظرا الى أن الإباحة هي الأصل، إلا أن يكون مما يستتبع ضرراً بينا في الجسم أو العقل، فيدخل عندئذ في المحظورات بموجب القاعدة لا عامة المعروفة لا ضرر ولا ضرار، الضرر يزال.
ونظرا الى أن التدخين مما لم ير د نص بتحريمه على وجه الخصوص، ولم تكن دلائل ضرره الصحية ماثلة واضحة من قبل لعامة الناس وخواصهم، فقد كان من مقتضى القواعد الفقهية القول بإباحته، وهذا ما ذكره الفقهاء المتأخرون في كتبهم. إلا أن دلائل أضراره لم تبق خفية فيما بعد، بل تجلت مظاهر أضراره ودلائلها المختلفة مع تقدم الطب ووسائله، ثم إن الحديث عن هذه الأضرار انتشر وتواتر على كل المستويات، وفي كل أقطار العالم على اختلافها. حتى وصل الأمر من الجلاء والبداهة الى درجة أن الشركات التي تنتج التبغ وتصنعه وتصدره تلزم من قبل حكوماتها بكتابة عبارة صريحة في التحذير من تعاطي الدخان، واستعماله على كل علبة من علب الدخان بل في زاوية كل دعاية له قد تنشر في صحيفة أو مجلة. وبناء على ذلك، ونظراً إلى الإجماع الثابت فإن ما أعقب ضرراً بينا ً دل عليه الواقع المشاهد أو كلام الأطباء الموثوقين، فهو محرم الاستعمال واجب الاجتناب فإن استعمال الدخان اليوم محرَّم بموجب القواعد الفقهية التي لا خلاف فيها.
وهذه المسألة واحدة من المسائل الداخلة في قواعد -تتبدل الأحكام بتبدل الأزمان-فلا حجة في أن الفقهاء من قبل لم يكونوا يفتون بحرمة الخان، بل ربما صرحوا بإباحة استعماله، إذ لم تكن دلائل حمته ظاهرة لهم، فكان عذرهم في ذلك خفاء مناط التحريم. فلما تبين الأمر للعامة والخاصة من الناس اليوم، ارتفع ذلك العذر واستقر حكم التحريم.
هذا والله ورسوله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
محمد سعيد رمضان البوطي 3 ربيع الأول 1406 هــ