ينبغي على المرأةِ إذا ماتَ زوجُهَا أنْ تَعتدَّ (العدَّةُ: تَربُصُ أربعةَ أشهرٍ وعَشراً في بيتِها) وتَحتَدَّ (الحدادُ: امْتِنَاعُ الْمَرْأَةِ مِنَ الزِّينَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا ومن المبيتِ في غيرِ منزلِها مُدَّةً مَخْصُوصَةً)
وقالَ ابنُ رشدٍ المالكي: الْمَقْصُودَ بِهِ أَنْ لَا تَتَشَوَّفَ إِلَيْهَا الرِّجَالُ فِي الْعِدَّةِ وَلَا تَتَشَوَّفُ هِيَ إِلَيْهِمْ، وَذَلِكَ سَدّاً لِلذَّرِيعَةِ لِمَكَانِ حِفْظِ الْأَنْسَابِ.
أمَّا لو جَهِلَتْ زمنُ الوفاةِ فلمْ تعلمْ في أيِّ يومٍ أو شَهرٍ فتَعتدُّ من وقتِ عِلمِها.
يَقُولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: “لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ فَإِنَّهَا تُحِدُّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا “. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
فيَجبُ عليها : أنْ تتجنَّبَ ما يَدعو إلى نكاحِها ويُرغِّبُ في النَّظرِ إليها ويُحسِّنُها، وهي أربعةُ أمورٍ:
فيُحرَمُ عليها لُبسُ:
رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَخْتَضِبُ، وَلَا تَكْتَحِلُ» . رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَأَبُو دَاوُد.
نصوصُ الفُقهاءِ :
قالَ السَرخسي: “صفةُ الحِدادِ أنْ لا تتطيَّبَ ولا تَدَّهِنَ ولا تَلبِسَ الحُليِّ ولا الثَّوبِ المصبوغِ بالعُصفُرِ أوِ الزَّعفَرانِ” . المبسوط للسرخسي
قالَ الحطّابُ: “وَالْإِحْدَادُ أَنْ لَا تَقْرَبَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ الْوَفاةِ شَيْئاً مِنْ الزِّينَةِ بِحُلِيٍّ، وَالْحُلِيُّ الْخَاتَمُ فَمَا فَوْقَهُ” مواهب الجليل
قالَ الإمامُ الدَريرُ : وَهُوَ : أَيْ الْإِحْدَادُ: تَرْكُ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ الْحُلِيِّ وَالطِّيبِ، وَعَمَلِهِ) : أَيْ الطِّيبِ أَيْ لِأَنَّ بِعَمَلِهِ يَتَعَلَّقُ بِهَا (وَالتَّجْرِ فِيهِ، وَ) تَرْكِ (الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ) مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّزَيُّنِ، (إلَّا الْأَسْوَدَ) مَا لَمْ يَكُنْ زِينَةَ قَوْمٍ كَأَهْلِ مِصْرَ الْقَاهِرَةِ وَبُولَاقِ، فَإِنَّهُنَّ يَتَزَيَّنَّ فِي خُرُوجِهِنَّ بِالْحَرِيرِ الْأَسْوَدِ، (وَ) تَرْكِ (الِامْتِشَاطِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ) – بِفَتْحَتَيْنِ: صِبْغٌ مَعْلُومٌ يُذْهِبُ بَيَاضَ الشَّعْرِ وَلَا يُسَوِّدُهُ، (بِخِلَافِ نَحْوِ الزَّيْتِ) مِنْ كُلِّ مَا لَا طِيبَ فِيهِ (السِّدْرِ وَالِاسْتِحْدَادِ) أَيْ حَلْقِ الْعَانَةِ. وَمِثْلُهُ نَتْفُ الْإِبْطِ فَلَا يُطْلَبُ تَرْكُ ذَلِكَ.
وَلَا: (تَدْخُلُ حَمَّامًا وَلَا تُطْلِي جَسَدَهَا) : بِنُورَةٍ، (وَلَا تَكْتَحِلُ إلَّا لِضَرُورَةٍ) فَتَكْتَحِلُ (وَإِنْ بِطِيبٍ) : أَيْ بِكُحْلٍ فِي طِيبٍ، (وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا) وُجُوبًا. بلغة السالك 2/685
قالَ الإمامُ النَّوَوِي: وَهُوَ تَرْكُ لُبْسٍ مَصْبُوغٍ لِزِينَةٍ وَإِنْ خَشُنَ، وَقِيلَ يَحِلُّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ، وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ، وَكَذَا إبْرَيْسَمٌ فِي الْأَصَحِّ، وَمَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ، وَيَحْرُمُ حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَكَذَا لُؤْلُؤٌ فِي الْأَصَحِّ، وَطِيبٌ فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ، وَاكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ، وَإِسْفِيذَاجٍ وَدُمَامٍ، وَخِضَابِ حِنَّاءٍ، وَنَحْوِهِ. المنهاج للنووي
قال البهوتي: ” (وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ (اجْتِنَابُ مَا يَدْعُو إلَى جِمَاعِهَا وَيُرَغِّبُ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا وَيُحَسِّنُهَا مِنْ زِينَةٍ) أَيْ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ (وَطِيبٍ) …. وَالْمُطَرَّزِ) لِقَوْلِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – «وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ ….. (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا (الْحُلِيُّ كُلُّهُ حَتَّى الْخَاتَمُ وَالْحَلْقَةُ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِعُمُومِ النَّهْيِ (وَمَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ فَكَمَصْبُوغٍ بَعْدَ نَسْجِهِ) إذْ لَا دَخْلَ لِذَلِكَ فِي التَّحْسِينِ وَعَدَمِهِ …. (وَلَا يَحْرُمُ الْأَبْيَضُ وَإِنْ كَانَ حَسَنًا وَلَوْ) كَانَ الْأَبْيَضُ (حَرِيرًا) لِأَنَّ حُسْنَهُ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ فَلَا يَلْزَمُ تَغْيِيرُهُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مُعَدًّا لِلزِّينَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ (وَلَا الْمُلَوَّنُ لِدَفْعِ الْوَسَخِ كَالْكُحْلِيِّ وَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ الْمُشْبَعِ) لِأَنَّ الصَّبْغَ لِدَفْعِ الْوَسَخِ لَا يُحَسِّنُهُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِينَةٍ ….” . كشاف القناع عن متن الإقناع
ما يَجبُ على المرأةِ المُحِدَّةِ:
2- تجنُّبُ التَّعرّضِ للرِّجالِ بقَصدِ الخِطبَةِ أوِ الزَّواجِ :
قال في الموسوعةِ الفقهيَّةِ: “اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ، لِيُفْهَمَ مُرَادُ الْمُعَرِّضِ بِالْخِطْبَةِ لاَ لِيُجَابَ ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: { وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ } [البقرة : 235] وَهِيَ وَارِدَةٌ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ.”
ويَحلُّ لها الكلامُ معَ الرِّجالِ إنْ دعَتِ الحاجةُ لذلكَ ضِمنَ الضَّوابطِ الشَّرعيَّةِ، بخلافِ ما يَظُنُّ بعضُ النِّساءِ أنَّ الحديثَ معَ الرِّجالِ للمُحِدَّةِ حرامٌ مطلقاً.
نصوصُ الفقهاءِ
ما يَجِبُ على المرأةِ المُحِدَّةِ:
3- يجبُ عليها المبيتُ ببيتِها- أي بيتِ الزوجيّةِ-:
قالَ في الموسوعةِ الفقهيةِ الكويتيّةِ:
” ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَلاَ سِيَّمَا أَصْحَابُ الْمَذَاهِبِ الأْرْبَعَةِ ، إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَنْ تَلْزَمَ بَيْتَ الزَّوْجِيَّةِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ عِنْدَمَا بَلَغَهَا نَعْيُ زَوْجِهَا ، سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْبَيْتُ مِلْكًا لِزَوْجِهَا ، أَوْ مُعَارًا لَهُ ، أَوْ مُسْتَأْجَراً “. وَلَيْسَ لَهَا الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا ، وَلاَ الْخُرُوجُ لَيْلاً إِلاَّ لِضَرُورَةٍ ؛ لأِنَّ اللَّيْل مَظِنَّةُ الْفَسَادِ.
قال تعالى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1]
نصوص الفقهاء:
قال ابن نجيم” لَا تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ تَخْرُجُ لِلضَّرُورَةِ بِحَسْبِهَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ كَذَلِكَ.” البحر الرائق
وقال ابن الهمام: ” وَعَلَى الْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَعْتَدَّ فِي الْمَنْزِلِ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهَا بِالسُّكْنَى حَالَ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ وَالْمَوْتِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } وَالْبَيْتُ الْمُضَافُ إلَيْهَا هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي تَسْكُنُهُ” فتح القدير (9/ 345)
“قال مالك: فتعتد المرأة في الطلاق والوفاة في بيتها ولا تنتقل منه إلا لضررٍ لا قرار معه من خوف سقوطه” ” وصفة السُّكنى أن تلزم ذلك المسكن بالليل” التبصرة للخمي
” ولا يجوز للمبتوتة ولا للمتوفى عنها زوجها الخروج من موضع العدة من غير عذر ” وقال أيضاً: ” وليس لها المبيت في غير بيتها، ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة، لأن الليل مظنة الفساد”. المجموع
” وَلَيْسَ لَهَا الْمَبِيتُ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، وَلَا الْخُرُوجُ لَيْلًا، إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ مَظِنَّةُ الْفَسَادِ، “. المغني لابن قدامة
ما يجب على المرأة المحدة:
4- التزام بيتها في النهار: والفقهاء متفقون على أن المحدة تلتزم بيتها ولكن اختلفوا في الأسباب التي تجيز لها الخروج
رَوَى جَابِرٌ قَال : طَلُقَتْ خَالَتِي ثَلاَثًا ، فَخَرَجَتْ تَجُذَّ نَخْلَهَا ، فَلَقِيَهَا رَجُلٌ فَنَهَاهَا . فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال : اخْرُجِي فَجُذِّي نَخْلَكِ ، لَعَلَّكِ أَنْ تَتَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ
نصوص الفقهاء
قال ابن نجيم: “وَعَلَى الزَّوْجَاتِ أَيْضًا أَنْ لَا يَخْرُجْنَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إلَّا لِضَرُورَةٍ ظَاهِرَةٍ، فَإِنْ خَرَجْنَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَانَ حَرَامًا ثم قال وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَدَارَ الْحِلِّ كَوْنُ خُرُوجِهَا بِسَبَبِ قِيَامِ شُغْلِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ فَمَتَى انْقَضَتْ حَاجَتُهَا لَا يَحِلُّ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفُ الزَّمَانِ خَارِجَ بَيْتِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. فِي الْخَانِيَّةِ: وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ لِحَاجَتِهَا إلَى نَفَقَتِهَا وَلَا تَبِيتُ إلَّا فِي بَيْتِ زَوْجِهَا اهـ. فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَكُنْ مُحْتَاجَةً إلَى النَّفَقَةِ لَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا كَمَا فَهِمَهُ الْمُحَقِّقُ”. البحر الرائق
قال الشيخ الدردير: (قَوْلُهُ وَجَازَ لَهَا) (الْخُرُوجُ) فِي حَوَائِجِهَا طَرَفَيْ النَّهَارِ أَيْ وَأَوْلَى فِي النَّهَارِ وَمَحَلُّ جَوَازِ خُرُوجِهَا فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الزَّمَانُ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجُ فِيهِمَا بَلْ نَهَارًا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَهَا التَّطَرُّقُ نَهَارًا أَوْ الْخُرُوجُ سَحَرًا قُرْبَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَتَرْجِعُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ الْأَخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ تَخْرُجَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرَى أَنْ يُحْتَاطَ لِلْإِنْسَانِ فَتُؤَخِّرَ خُرُوجَهَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَتَأْتِيَ حِينَ غُرُوبِهَا، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ هُوَ اللَّائِقُ بِعُرْفِ هَذَا الزَّمَانِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَنْتَشِرُ النَّاسُ فِيهِ لِئَلَّا يَطْمَعَ فِيهَا أَهْلُ الْفَسَادِ اهـ قَوْلُهُ: (فِي حَوَائِجِهَا) أَيْ أَوْ لِعُرْسٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِحَوَائِجِهَا وَإِذَا خَرَجَتْ لِحَوَائِجِهَا أَوْ لِعُرْسٍ فَلَا تَبِيتُ بِغَيْرِ مَسْكَنِهَا” الشرح الكبير وحاشية الدسوقي .
قال ابن حجر الهيتمي: “( وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ، وَكَذَا بَائِنٌ) بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ (فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَ) بَيْعِ أَوْ شِرَاءِ (غَزْلٍ وَنَحْوِهِ) كَقُطْنٍ وَلِنَحْوِ احْتِطَابٍ إنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَقُومُ لَهَا بِذَلِكَ وَنَحْوَ إقَامَةِ حَدٍّ عَلَى بَرْزَةٍ لَا مُخَدَّرَةٍ فَيَأْتِيهَا الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ لِإِقَامَتِهِ كَالتَّحْلِيفِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَذِنَ لِمُطَلَّقَةٍ ثَلَاثًا أَنْ تَخْرُجَ لِجُذَاذِ نَخْلِهَا» وَقِيسَ بِهِ غَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ دُورِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ نَحْوِ السُّوقِ وَالْمُحْتَطَبِ بِالْقَرِيبِ مِنْ الْبَلَدِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهَا وَإِلَّا فَيَظْهَرُ أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ إلَيْهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ وَلَا تَكْفِي الْحَاجَةُ وَمَحَلُّهُ إنْ أَمِنَتْ…..” تحفة المحتاج
قال البهوتي: ” وَلَهَا أَيْ الْمُعْتَدَّةِ الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهِمَا فَقَطْ فَلَا تَخْرُجُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَتَخْرُجُ لِحَاجَتِهَا وَلَوْ وَجَدَتْ مَنْ يَقْضِيهَا لَهَا.” كشاف القناع
قال المرداوي: “ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا ) وَلَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ .وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي ، وَالْمُحَرَّرِ .
وَقَطَعَ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَّا لِضَرُورَةٍ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِلْحَاجَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَة الصُّغْرَى : وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا لِحَاجَةٍ ، فِي الْأَشْهَرِ. قَالَ فِي الْحَاوِي ، وَالْهَادِي : وَلَهَا ذَلِكَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ .
وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ . وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَاضِحِ : أَنَّ لَهَا الْخُرُوجَ مُطْلَقًا . قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ .
الثَّانِي : ظَاهِرُ قَوْلِهِ ( وَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِحَوَائِجِهَا ) . أَنَّهُ سَوَاءٌ وَجَدَ مَنْ يَقْضِيهَا الْحَوَائِجَ أَوْ لَا . وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ . وَأَطْلَقُوا . قَالَ الْحَلْوَانِيُّ : لَهَا ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ مَنْ يَقْضِيهَا .
فَصَرَّحَ . وَبَيَّنَ الْمُطْلَقَ مِنْ كَلَامِهِمْ .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَيْضًا ” لِحَوَائِجِهَا ” أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ لِغَيْرِ حَوَائِجِهَا . وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ .
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي ، وَالشَّرْحِ ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ ، وَالْوَجِيزِ ، وَغَيْرِهِمْ .
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى “. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف
ما يباح للمعتدة المحدة:
إن خالفت المرأة ما وجب عليها في الحداد كأن تعطرت أو باتت في غير بيتها لم يفسد حدادها ولكن أثمت أساءت. قال البهوتي: “فَلَوْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادِ فِي الْمَنْزِلِ أَوْ لَمْ تَحِدَّ عَصَتْ لِمُخَالَفَتِهَا الْأَوَامِرَ وَتَمَّتْ الْعِدَّةُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ”.