قالَ الفخرُ الرازي وهو يُبيِّنُ علاقةَ الكفرِ باليأسِ في لمحةٍ رائعةٍ لم يَسبقه إليها غيرُه:
“واعلم أنَّ اليأسَ من رحمةِ اللهِ تعالى لا يحصل إلا إذا اعتقدَ الإنسانُ أنَّ الإلهَ غيرُ قادرٍ على الكمالِ، أو غيرُ عالِمٍ بجميعِ المعلومات،
أو ليس بكريمٍ، بل هو بخيلٌ، وكلُّ واحدٍ من هذه الثلاثةِ يُوجبُ الكفرَ،
فإذا كان اليأسُ لا يحصلُ إلّا عندَ حصولِ أحدِ هذهِ الثلاثة، وكلُّ واحدٍ منها كفرٌ، ثبتَ أنَّ اليأسَ لا يحصلُ إلا لمَن كان كافراً”.
تفسير الرازي 18/501.
فما عزَّ عليكَ بقانونِ الأرض، فاطلبهُ بقانونِ السماءِ، وما دامَ المؤمنُ قد أخذَ بالأسبابِ وتوكَّلَ على الله، فَليثق أنَّ اللهَ يمدُّه بما هو فوقَ الأسباب.
{وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجعَل لَهُ مَخرَجاً (2) وَيَرزُقهُ مِن حَيثُ لَا يَحتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمرِهِ قَد جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيءٍ قَدراً} (2، 3) الطلاق
[1] تفسير الشعراوي 11/7054.
إذ لا فائدةَ من المواصلةِ بزعمِه.
قالَ ابنُ حجر الهيتمي: “القانطُ آيِسٌ من نفعِ الأعمالِ، ومَن لازمَ ذلك تركَها” [1]. [2]
[1] الزواجر عن اقتراف الكبائر 1/122.
أنّه يُعدي كما يُعدي الصحيحُ الأجربَ: فانتشارُه فيمن حولك انتشارُ النارِ في الهشيم، وخاصةً لو كنت قائداً أو رمزاً يركنُ الناسُ إليه عند المُلمّات،
وقد فطنَ إلى هذا سَلفُنا السابقون، فكانوا ينتقون ويختارون القادةَ الأفذاذ لجنودِ الجيش، ممن لا يعرفُ اليأسُ إلى قلوبِهم سبيلاً،
وأوردُوا ذلك في كتبِ الفقهِ ودوَّنوه، وأوصوا به حرصاً على سلامةِ الجيشِ وطلباً لانتصارِه.