اختار الله لهذه الأمة خير الأنبياء واصطفى سبحانه له خير الآل وخير الأزواج وخير الأصحاب،
وأكرم هذه الأمة بتكفله بحفظ دينه بأن أخرج من هذه الأمة علماء زهدوا في الدنيا وما فيها
فكان همهم خدمة دين الله فوفقهم سبحانه لحفظ ونقل كتابه وكأنه أنزل الساعة،
ووفقهم سبحانه لحفظ سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،
ثم اجتهدوا في استخراج الأحكام وبنوا لأجل ذلك منظومة تعليمية متكاملة،
وهذا مالم يكن في دين من الأديان،
وبعد مضي هذه القرون يأتي اليوم مَن جلُّ معلوماته ومقروآته من شاشات الأجهزة الذكية،
وينصب نفسه ميزاناً للرعيل الأول، ويستجلب أحداثاً لم يحضرها، ثم يكون قاضياً وحكماً،
وفي حقيقة الحال إن الإنسان يعجز حينما يقف عند الحق سبحانه فيجد خصماءه آحاد الناس،
فماذا سيفعل حينما يخاصمه خيرة الأمة من سلفها الصالحين وعلمائها العاملين.
وما الذي سيجنيه من إثارة الفرقة والمجتمعات في أمس الحاجة إلى الاجتماع؟
القلم صنو السيف،
والعاقل لا سيما في مثل هذه الأزمان من يكون مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر،
يجمع ولا يفرق، يألف ويؤلف ولا ينازع ولا يخاصم،
فلعله قريباً يمضي من هذه الدنيا وتلحقه تبعات يحاسب عليها في الآخرة.
قال صلى الله عليه وسلم (لا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا، إلَّا كانَ علَى ابْنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها، لأنَّهُ كانَ أوَّلَ مَن سَنَّ القَتْلَ ).
الناس مع مشاهد الزلازل والخوف من المستقبل والصراع من أجل البقاء
هم بأمس الحاجة إلى من يبث فيهم الطمأنينة والتوكل على الله والرضاء بأقداره،
ونتفاجأ في وسائل التواصل من يثير الفرقة بين المسلمين
وينصب نفسه حكماً بين آل البيت والصحابة في أحداث لم يحضرها ولم يشهدها.
بناء الأمة وبناء الأوطان وبناء الإنسان
يكون بالمحافظة على التاريخ والقيم والمبادىء
وجمع الناس عليها واجتناب ما يدعو للفرقة والاختلاف،
تاريخنا مليء بإضاءات حضارية وإنسانية هي محل فخر واعتزاز وبناء للأجيال والأوطان
فإعراضنا عنها وذهابنا إلى ما يثير التنازع والاختلاف وإيهام عوام الناس بأنَّ هذا هو تاريخنا فهذا حال من يهدم بيته بيده.