الشبهة وردها بالفصيل:
القوامةُ للرجلِ دونَ المرأةِ:
الشبهة:
يتخذُ أعداءُ الإسلامِ من كونِ الرجالِ هم القوامينَ على النساءِ بمقتضى أحكامِ الشّريعةِ الإسلاميةِ مجالاً للثّرثرةِ ضدّه، ولتحريضِ المرأةِ المسلمةِ حتى تتمرّدَ على تعاليمِهِ، فيغمزونَ الإسلامَ بأنهُ لم يسوِّ بينَ الرجالِ والنساءِ في مسألةِ القوامةِ.
الرد:
1- إنَّ قوامةَ الرجالِ على النساءِ مسألةٌ تفرضها ضرورةُ الحياةِ الفضلى من النّاحيتين ِالفطريةِ والفكريّةِ.
أمّا الناحيةُ الفطريّةُ فإنَّ الخصائصَ النفسيةَ المزوّد بها كلٌّ منَ الرجلِ والمرأةِ بصفةٍ عامةٍ تؤهّلُ الرجلَ بشكلٍ أمثل لتحمِّلِ مسؤولياتِ إدارةِ شؤونِ الأسرةِ والقيامِ على رعايتها والتّصدي لزعامتها، وفي المقابلِ نلاحظُ أنَّ خصائصَ المرأةِ بشكلٍ عامٍ تحبِّب إليها أن تجدَ لدى الرجلِ ملجأً وسندًا وقوةَ إرادةٍ واستقرارَ عاطفةٍ وحكمةٍ في تصريفِ الأمورِ وسلطانًا ترى في الانضواءِ تحته أنسها وطمأنينتها وأمنها وراحة بالها.
ولذلكَ يلاحظُ أثرُ هذا التّكوينِ الفطريِّ ظاهرًا في كلِّ مجموعةٍ إنسانيّةٍ، ولو لم تُلزِمها بهِ أنظمةٌ أو تعاليمٌ، وربما شذّ عنهُ نفرٌ قليلٌ اختلّت فيهِ خصائصُ الذكورةِ والأنوثةِ، وهي حالاتٌ شاذّةٌ لا تستحقُّ تعديلاً في أصلِ القاعدةِ الفطريّةِ.
وأمّا النّاحيةُ الفكريّةُ فإنَّ الحكمةَ في المجتمعاتِ الإنسانيّةِ تقضي بأن يكونَ لكلّ مجتمعٍ صَغُرَ أو كَبُرَ قيّمٌ يقودُهُ ويديرُ شؤونهُ حمايةً له من الفوضى والتّصادمِ والصّراعِ الدّائمِ، والأسرةُ أحدُ هذهِ المُجتمعاتِ الّتي تحتاجُ إلى قيّمٍ تتوافرُ فيهِ مؤهّلاتُ القوامَةِ بشكلٍ أمثلَ.
2- لدى أهلِ الفكرِ في مسألةِ القوامةِ داخلَ الأسرةِ مجموعةٌ من الاحتمالاتِ:
أولاً: أن يكونَ الرجلُ هو القيّمُ في الأسرةِ باستمرارٍ.
ثانيًا: أن تكونَ المرأةُ هي القيّمُ في الأسرةِ باستمرارٍ.
ثالثًا: أن يكونَ كلٌّ من الرجلِ والمرأةِ قيّمًا على سبيلِ الشركةِ المتساويةِ.
رابعًا: أن يتناوبَا القوامةَ وفقَ قسمةٍ زمنيّةٍ.
خامسًا: أن يتقاسما القوامةَ، بأن يكونَ لكلٍّ منهما اختصاصاتٍ يكونُ هو القيّمُ فيها.
أمّا الشركةُ في القوامَةِ سواءٌ أكانت في كلِّ شيءٍ وفي كلِّ وقتٍ، أو كانت على سبيلِ التّناوبِ الزّمنيِّ، أو كانت على سبيلِ التقاسمِ في الاختصاصاتِ، فإنها ستؤدّي حتمًا إلى الفوضى والتّنازعِ ورغبةِ كلِّ فريقٍ بأن يعلوَ على صاحبِه ويستبدَّ بهِ، وقد أيّدتْ تجاربُ المجتمعاتِ الإنسانيّةِ فسادَ الشركةِ في الرئاسةِ.
أمّا إسنادُ القوامةِ إلى المرأةِ دونَ الرّجل ِفهو أمرٌ يُنافي ما تقتضيهِ طبيعةُ التكوينِ الفطريِّ لكلٍّ منهما، وهو يؤدّي حتمًا إلى اختلالٍ ونقصٍ في نظامِ الحياةِ الاجتماعيّةِ لِما فيهِ من عكسٍ لطبائعِ الأشياءِ، فلم يبقَ إلا الاحتمالُ الأوّلُ، وهو أن يكونَ الرّجلُ هو القيّمُ في الأسرةِ.
3- أهمُّ خصائصِ القوامةِ المثلى رجحانُ العقلِ على العاطفةِ، وهذا الرجحانُ متوافرٌ في الرّجالِ بصفةٍ عامّةٍ أكثرَ من توافرهِ في النساءِ، لأنّ النساءَ بمقتضى ما هنَّ مؤهّلاتٍ لهُ من إيناسٍ للزّوجِ وحنانٍ عليه وأمومةٍ رؤومٍ وصبرٍ على تربيةِ الطفولةِ تترجّحُ لديهنّ العاطفةُ على العقلِ، ولن تكونَ قوامةٌ مُثلى لأيِّ مجتمعٍ إنسانيٍّ صغيرًا كان أو كبيرًا إذا كانتِ العاطفةُ فيها هي الراجحةُ على العقلِ.
ولئن كانَ بعضُ الرجالِ تتحكّمُ فيهم عواطفُهم أكثرَ من عقولهم، وبعضُ النساءِ تتحكّمُ فيهنّ عقولهنَّ أكثرَ من عواطفهنَّ، فذلكَ أمرٌ نادرٌ لا يصحُّ أن تتغيّرَ من أجلهِ قاعدةٌ عامةٌ.
4- ومن مرجّحاتِ إسنادِ القوامةِ في الأسرةِ إلى الرّجلِ أنهُ هو المسؤولُ في نظامِ الإسلامِ عن النّفقةِ عليها، ومسؤوليتهِ عن النفقةِ على أسرتهِ تجعلُه أكثرَ تحّفظًا واحترازًا من الاستجابةِ السّريعةِ للشّهواتِ العابرةِ والانفعالاتِ الحادّةِ الرّعناءَ، بخلافِ المرأةِ في ذلك، لأنّها بحكمِ عدمِ مسؤوليّتها عن النّفقةِ وعن السّعيِ لاكتسابِ الرّزقِ يقلُّ لديها التّحفظُ والاحترازُ، وتكونُ في أغلبِ أحوالها ذاتَ استجابةٍ سريعةٍ لشهواتِها وانفعالاتِها التي قد تتطلبُ منها نفقاتٍ ماليةٍ باهظة، أو تدفعُها إلى الشحِّ المفرط.ِ
5- أعطى الإسلامُ للمرأةِ حقَّ التّدخلِ في اختيارِ زوجها، وبهذا فهي تختارُ القيّمَ عليها، ولها أن تلاحظَ فيه المَقدرةَ على القوامةِ الرشيدةِ.