مما يعيقكَ في سيرِكَ إلى الله : لِسانك … خواطِرك … وظُنونك
<< ما كانَ لمثلِك أنْ يغتابَ أحداً حتَّى ولَو في قلبِه >>
يقول الإمام الجنيد البغدادي رضي الله عنه :
كنت في جنازة نتهيأ لدفنها في مقبرة
فوقعت عيني من بعيد على رجل جالس رث الهيئة وهو يشحذ من الناس
فقلت في نفسي: ما أحوج هذا الرجل لصيانة نفسه من ذل السؤال.
لماذا لا يعمل ويكسب من قوت يده ؟
ثم انشغلت عنه في دفن الجنازة ورجعت للبيت ولم أقبل الليل أخذتني سنة من النوم
فرأيت في المنام أن الرجل الذي مر معي في المقبرة محمولا في خوان ( إناء واسع كبير للطعام) تحمله حملة من خلق الله
فجاءوا به إلي ووضعوه أمامي وهو ميت
فقالوا بصوت واحد ( كل من لحمه)
يقول سيدي الجنيد رضي الله عنه : ففزعت فزعاً كبيراً … واضطربت اضطراباً شديداً.
وأعادوا الكلام ( كل من لحم هذا الميت)
يقول قلت: لا …. لا
قالوا: إنك قد فعلتها
قلت : وكيف ذاك ؟
قالوا : لقد اغتبت الرجل الذي كان جالسا في المقبرة !
قال الجنيد : ما تكلمت بلساني هو خاطر مر معي في نفسي واستغفر الله منه.
قالوا : يا جنيد ما كان لمثلك أن يغتاب أحدا حتى ولو في قلبه.
اذهب واستسمح الرجل …. فقد اغتبته
يقول سيدنا الجنيد رضي الله عنه: فلما بزغ الفجر؛ ذهبت للمقبرة ابحث عنه استسمحه واعتذر منه فبحثت وبعد مشقة وجدته جالساً تحت نخلة.
فلما أقبلت عليه ورآني، صاح بأعلى صوته قبل أن أتكلم معه:
لقد سامحناك …. لا تعد لمثلها
يقول الجنيد رضي الله عنه : فسلمت عليه وقبلته وانصرفت وهالني مكاشفته لي فقد بادرني بالأمر قبل الكلام.
اللهم اغفر لنا يا الهي ۔ التوبة يا رب كم من فكرة تمر على قلوبنا ولا تنطق بها ألسنتنا ولا نحسب لها حساب تجاه شخص نجهله فعند أهل الله ظلم وغفلة