الغش في الامتحان
السؤال
ما حكم الدين في محاولات الطلاب للغش أثناء الامتحانات، وهل يجوز للملاحظين أن يساعدوهم نظراً لصعوبة الامتحان؟
الجواب مفصلا:
من المقرر أن الغش في أي شيء حرام، والحديث واضح في ذلك ( من غشنا فليس منا ) [رواه مسلم] وهو حكم عام لكل شيء فيه ما يخالف الحقيقة، فالذي يغش ارتكب معصية، والذي يساعده على الغش شريك له في الإثم. ولا يصح أن تكون صعوبة الامتحان مبررة للغش، فقد جعل الامتحان لتمييز المجتهد من غيره، والدين لا يسوي بينهما في المعاملة، وكذلك العقل السليم لا يرضى بهده التسوية، قال تعالى { أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ كَٱلۡمُفۡسِدِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ نَجۡعَلُ ٱلۡمُتَّقِينَ كَٱلۡفُجَّارِ } [سورة ص,٢٨]
وبخصوص العلم قال{ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ } [سورة الزمر,٩] .
وانتشار الغش في الامتحانات وغيرها رذيلة من أخطر الرذائل على المجتمع، حيث يسود فيه الباطل وينحسر الحق، ولا يعيش مجتمع بانقلاب الموازين الذي تسند فيه الأمور إلى غير أهلها، وهو ضياع للأمانة، وأحد علامات الساعة كما صح فى الحديث الشريف.
والذي تولى عملاً يحتاج إلى مؤهل يشهد بكفاءته، وقد نال الشهادة بالغش يحرم عليه ما كسبه من وراء ذلك، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به وقد يصدق عليه قول الله تعالى { لَا تَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفۡرَحُونَ بِمَآ أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحۡمَدُواْ بِمَا لَمۡ يَفۡعَلُواْ فَلَا تَحۡسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٖ مِّنَ ٱلۡعَذَابِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ } [سورة آل عمران,١٨٨] .
وإذا كان قد أدى عملا فله أجر عمله كجهد بذله أي عامل، وليس مرتبطا بقيمة المؤهل، وهو ما يعرف بأجر المثل في الإجارة الفاسدة، وما وراء ذلك فهو حرام.
المفتي عطية صقر
يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله : ” ومن اللصوص التلميذ الذي يسرق الجواب في الامتحان ، إنّه حين يسرق بعينه من ورقة جاره أكبرُ ذنباً من الذي يسرق بيده من جيبه ، لأنّ سرقة المال يزول أثرها بردّ المال ، ومن سرق الجواب ، ونال الدرجة زوراً ، ثمّ أخذ بعدها الشهادة زوراً ، ثمّ نال المنصب زوراً ، يستمرّ أثر جريمته دهراً طويلاً .. وربّما صار بشهادته معلّماً ، وهو غير عالم ، فنشأ على يديه الآثمتين جماعة من الجهلاء ، فيكون كحامل جرثومة المرض يعدي من يتّصل به ، ومَن أعداه ذهب فأعدى سواه ، فسرى المرض في جسد الأمة ..! ” [ فصول في الثقافة والأدب ، بتصرف يسير] .
تعليق : والأسوأ من غشّ الطالب ، تساهل المعلّم أو تواطؤه على الغشّ مع الطلاّب ، فهو مع غشّه خائن للأمانة ، ومعلّم للخيانة ، وليس أهلاً لتعليم الأجيال ..