كلمةُ ” الأبِ ” ومعناهَا اللُّغويُّ ثمَّ استعمالاتهَا المتعدِّدَةُ في القرآنِ
لمَّا كانَت كلمةُ ” الوالدِ ” تطلقُ فقط على الوالدِ المباشرِ الّذي هوَ سببُ إيجادِ الوَلَدِ ، فلَقَد تعدَّدَتْ المَعاني الّتي ورَدَتْ فيهَا كلمةُ الأبِ فِي كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ .
أمَّا الأصلُ اللّغويُّ لكلمةِ أبٍ : فهُوَ الوالدُ كما ذَكَرَ الرَّاغبُ الأصفهَانيُّ، ورأى ابنُ فارسٍ أنَّ وضعَهَا اللغويَّ يدلُّ على التَّربيةِ والقدوةِ , وقالَ الخليلُ : ” فلانٌ يأبو اليتيمَ أي يغذوهُ كما يغذو الوالدُ ولَدَهُ “.
وعلى هذا فكلمةُ الأبِ وُضِعَتْ في أصلِ اللُّغةِ لِتَدلَّ على الوالِدِ الّذي كانَ سبَبَاً في إيجادِ الشَّيءِ، ومنهُ قولُهُ تَعالى: { ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ } [الأحزاب/ 40] . وتطلقُ أيضاً على من كانَ سبباً في صلاحِهِ .
وجاءَ فِي مفرداتِ القرآنِ للرَّاغبِ الأصفهانيِّ: ” ويُسمّى العمُّ معَ الأبِ أبوينِ، وكذلكَ الأمُّ معَ الأبِ، وكذلكَ الجدُّ معَ الأبِ، قالَ تعالى في قِصَّةِ يعقوبَ: { قالُوا: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً} [البقرة/ 133] ، وإسماعيلُ لم يَكنْ من آبائِهِم وإنّما كانَ عمَّهمْ “
وُسمّيَ معلّمُ الإنسانِ أباً لِمَا تقدَّمَ ذِكرُهُ. وقد حملَ قولهُ تعالى: وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ [الزخرف/ 22] على ذلكَ. أي: علماءَنا الّذينَ ربّونَا بالعلمِ، بدلالةِ قولِهِ تَعالى: رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَكُبَراءَنا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [الأحزاب/ 67] .
وقيلَ في قَولِهِ: { أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ } [لقمان/ 14] : إنَّهُ عنَى الأبَ الّذي ولَدَهُ، والمُعَلّمَ الّذي علَّمَهُ.
والمَعنى الآخَرُ المُختلِفُ الّذي وردَتْ بِهِ كلمَةُ أبٍ في القرآنِ الكَريمِ كمَا جاءَ في لسانِ العَرَبِ : ” أبب: الأَبُّ: الكَلأُ، وعَبَّر بعضُهم عَنْهُ بأَنه المَرْعَى ” . وَقَالَ الزَّجَّاجُ: ” الأَبُّ جَمِيعُ الكَلأ الَّذِي تَعْتَلِفُه الماشِية “. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ في سورة عبس : { وَفاكِهَةً وَأَبًّا }