بسم الله الرحمن الرحيم
الشُّبهة وردُّها بالتَّفصيل :
تقولُ الشُّبهة :
يقولُ اللهُ تَعالى: { وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } [المؤمنون: 4] فقولُهُ تعالى: { فَاعِلُونَ } مُخالِفٌ لِمَا عَليه العربُ من كلامِهَا، فإنَّها لا تقولُ: فَعَلَ الرَّجلُ الزكاةَ، بل المشهورُ قولُهم: أدَّى الرجلُ زكاةَ مَالِهِ أو أعطَاها أو آتاها، فهذا يدلُّ دلالةً صريحةً على أنَّ القرآنَ ليسَ بعربيٍّ فَصيحٍ، ولَو كانَ من عندِ اللهِ لكانَ غيرَ ذلكَ .
الرَّدُّ مفصَّلاً :
إنَّ عباراتِ ” أدّى – آتى – أعطى ” لا تَستَوي فِي مُرادِ الآيةِ هُنا، وإنَّما تُفيدُ حُصولَ الاسمِ فقط، فَلا تزيدُ عَلى أكثرَ منَ الإخبارِ عَن أدائِهَا فَحسب، لكنَّ القرآنَ لَا يُريدُ التَّعبيرَ بالأداءِ فَقط، إنَّما يُريدُ المُبالغَةَ فِي الأداءِ والمُواظَبَةَ عَلَيهِ حتَّى يكونَ صِفَةً لازِمَةً للمُؤدِّينَ، فَيصيرَ أداءُ الزَّكاةِ فِعلاً لَهُم مُضَافاً إلَيهم يُعرفونَ بِهِ فَهُم لَهُ فاعلونَ، وَهذا المعنى لا يُستَفَادُ عَلى الكمالِ إلّا بهذهِ العبارةِ، فَهِي إذاً أَولى العباراتِ وأبلَغُها في هذا المعنى .
وقيلَ بأنَّ في الآيةِ حَذفاً، والتَّقديرُ: والَّذينَ هُم لأداءِ الزَّكاةِ فَاعلونَ، لكن لمَّا كَان معلومَاً لَديهم أداؤها حذفَ القرآنُ كلمةَ (الأداءِ)؛ لدلالةِ سِياقِ الآيةِ عَلَيها، وهُوَ مِنَ البَلاغةِ بِمكانٍ، وكما يُقالُ: البَلاغةُ فِي الإيجازِ.
وقيلَ بأنَّ مَعنى الزَّكاةِ هُنا: العملُ الصَّالحُ الزَّاكي، فيَصيرُ المَعنى: << والَّذينَ هُم لِلأعمالِ الصَّالِحَةِ والأفعالِ الزَّاكيةِ فاعلونَ >> .
أ. مَدْيَن عَرَفَة