تفصيل الفتوى :
هل لسورةِ يس فضل مخصوص في قراءتها ؟
فقد اعترضَ بعض من ينتسب للعلم والحديث على ما تعارف الناس من قراءة سورة يس بنية الفرج بحجة أن أحاديث فضلها ضعيفة أو موضوعة
و سأوجز لكم خلاصة الموضوع و أقوال العلماء فيه
سورة يس ورد ذكر فضلها في مواضع:
قَالَ أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ: فَمَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ الْمَيِّتَ، فَشُدِّدَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَلْيَقْرَأْ عِنْدَهُ سُورَةَ (يس) ، فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْمَوْتُ.
قال الإمام ابن كثير في تفسيره : ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة ( يس ) أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى، وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة وليسهل عليه خروج الروح.
ــ عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات ) [رواه الترمذي] . وقال : وإسناده ضعيف
ــ و قال عليه الصلاة و السلام : ( اقرؤوا على موتاكم يس ) [رواه أحمد] وضعفه النووي في الأذكار .
ـ عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له ) [رواه ابن حبانَ في صحيحهِ و الدارمي وأبو يعلى والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب] وقال ابن كثير: ” إسناده جيد ” .
ــ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السموات والأرض بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لأمة ينزل هذا عليها وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا ) . [رواه الدارمي بسند ضعيف]
_عن عطاء قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قرأ يس صدر النهار قضيت حوائجه ) [أخرجه الدارمي] وهذا الحديث مرسل لأن عطاء ليس من الصحابة قطعاً، و المرسل ضعيف،
و في رواية أبي الشيخ : ( من قرأها في صدر النهار وقدمها بين يدي حاجته قضيت )
وروى أَبُو بكر عبد الْعَزِيز صَاحب الْخلال بِإِسْنَادِهِ عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: . ( من دخل الْمَقَابِر فَقَرَأَ سُورَة يس خفف عَنْهُم يَوْمئِذٍ، وَكَانَ لَهُ بِعَدَد من فِيهَا حَسَنَات ) .
وَعنهُ: عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( من زار قبر وَالِديهِ أَو أَحدهمَا فَقَرَأَ عِنْده أَو عِنْدهمَا يس غفر الله لَهُ ) .
ــ مجمل الأحاديث النبوية الواردة في فضل سورة يس ضعيفة و لكن بمجموعها تقوي بعضها بعضا كما يقرر المحدثون ، و منها الموضوع كحديث : ( يس لمن قرأت له ) كما ذكر السخاوي و العجلوني
ــ و قد ثبت فضلها عن الصحابة و السلف الصالح بأسانيد حسنة ، وبعضها منقول من تجارب بعض الصالحين
قال الإمام أحمد في مسنده عن صفوان، قال حدثتني المشيخة: ” لَمَّا حَضَرَ غُضَيْفَ بْنَ حَارِثٍ الْمَوْتُ، حَضَرَهُ إخْوَانُهُ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ سُورَةَ (يس) ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: نَعَمْ. قَالَ: اقْرَأْ، وَرَتِّلْ، وَأَنْصِتُوا. فَقَرَأَ، وَرَتَّلَ. وَأَسْمَعَ الْقَوْمَ، فَلَمَّا بَلَغَ { فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } [يس: 83] . خَرَجَتْ نَفْسُهُ. قَالَ أَسَدُ بْنُ وَدَاعَةَ: فَمَنْ حَضَرَ مِنْكُمْ الْمَيِّتَ، فَشُدِّدَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَلْيَقْرَأْ عِنْدَهُ سُورَةَ (يس) ، فَإِنَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُ الْمَوْتُ ” .
قال الحافظ ابن حجر في [الإصابة] : إسناده حسن .
و قال الإمام ابن كثير في تفسيره : ولهذا قال بعض العلماء: من خصائص هذه السورة ( يس ) أنها لا تقرأ عند أمر عسير إلا يسره الله تعالى، وكأن قراءتها عند الميت لتنزل الرحمة وليسهل عليه خروج الروح .
قال يحيى بن أبي كثير: ” من قرأ سورة يس ليلاً لم يزل في فرح حتى يصبح ويصدق ذلك التجربة” .
3ــ وذهب جمهور الفقهاء من السادة الحنفية و الشافعية و الحنابلة إلى استحباب قراءة يس على المحتضر و كذا الميت
قال في الموسوعة الفقهية الكويتية : ” ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى نَدْبِ قِرَاءَةِ سُورَةِ يس عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اقْرَءُوا يس عَلَى مَوْتَاكُمْ ) [أخرجه أبو داود]، أَيْ مَنْ حَضَرَهُ مُقَدِّمَاتُ الْمَوْتِ
كَمَا ذَهَبُوا إِلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْقَبْرِ ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا : (مَنْ دَخَل الْمَقَابِرَ فَقَرَأَ سُورَةَ يس خَفَّفَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَكَانَ لَهُ بِعَدَدِ مَنْ دُفِنَ فِيهَا حَسَنَاتٌ )، وَلِمَا صَحَّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَوْصَى إِذَا دُفِنَ أَنْ يُقْرَأَ عِنْدَهُ بِفَاتِحَةِ الْبَقَرَةِ وَخَاتِمَتِهَا ” . اهــ
قال في حاشية ابن عابدين: ” وَفِي شَرْحِ اللُّبَابِ وَيَقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَأَوَّلِ الْبَقَرَةِ إلَى الْمُفْلِحُونَ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ – وَآمَنَ الرَّسُولُ – وَسُورَةِ يس وَتَبَارَكَ الْمُلْكُ وَسُورَةِ التَّكَاثُرِ وَالْإِخْلَاصِ اثْنَيْ عَشَرَ مَرَّةً أَوْ إحْدَى عَشَرَ أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا قَرَأْنَاهُ إلَى فُلَانٍ أَوْ إلَيْهِمْ. “اهـ (رد المحتار) (2/ 243)
قال الإمام الماوردي المالكي: “وَيَخْتَارُ لِمَنْ يَحْضُرُ دَفْنَهُ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةَ يس وَيَدْعُوَ لَهُ وَيَتَرَحَّمَ عَلَيْهِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ – ” مَرَّ بِقَوْمٍ يَدْفِنُونَ مَيِّتًا فَقَالَ تَرَحَّمُوا عَلَيْهِ فإنه الآن يسأل “. الحاوي الكبير (3/ 27)
قال في حاشية العدوي (3/ 255):” اسْتَحَبَّ ( بَعْضُ الْعُلَمَاءِ ) هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ ( فِي الْقِرَاءَةِ عِنْدَ رَأْسِهِ ) أَوْ رِجْلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ( بِسُورَةِ يس ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { مَا مِنْ مَيِّتٍ يُقْرَأُ عِنْدَ رَأْسِهِ سُورَةُ يس إلَّا هَوَّنَ اللَّهُ عَلَيْهِ } ( وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ ( عِنْدَ مَالِكٍ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَمْرًا مَعْمُولًا بِهِ ) وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ عِنْدَهُ “.
قال في مغني المحتاج :
“(وَيُقْرَأُ عِنْدَهُ) سُورَةُ (يس) لِخَبَرِ «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ يس» وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ.
وَقَالَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ يَعْنِي مُقَدِّمَاتِهِ وَإِنْ أَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يُقْرَأُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُقْرَأُ عِنْدَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي قِرَاءَتِهَا أَنَّ أَحْوَالَ الْقِيَامَةِ وَالْبَعْثِ مَذْكُورَةٌ فِيهَا، فَإِذَا قُرِئَتْ عِنْدَهُ تُجَدِّدُ لَهُ ذِكْرَ تِلْكَ الْأَحْوَالِ ” مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 5)
قال ابن قدامة في المغني:
“قَالَ أَحْمَدُ: وَيَقْرَءُونَ عِنْدَ الْمَيِّتِ إذَا حَضَرَ، لِيُخَفَّفَ عَنْهُ بِالْقِرَاءَةِ، يُقْرَأُ {يس} [يس: 1] ، وَأَمَرَ بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ”. المغني لابن قدامة (2/ 335)
.