بسم الله الرحمن الرحيم
تقول الشُّبهةُ :
قالَ الله تعالى : { لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ } [البلد: 1، 2]، وقالَ أيضاً : { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } [التين: 1 – 3]، فآيةُ البلدِ تُناقِضُ آيةَ التِّين، ففي الأُولى يَنفي القَسَم والثَّانية تُثْبِتُه؟!
الرد على الشُّبهةُ بالتفصيل :
والعَرَبُ كانَت تستخدِمُ هذا الأُسلوبَ كثيراً من كلامِها، فهذا شاعِرها النَّابِغة الذُّبيانيُّ يقول :
فلا وحَقَّ الَّذي مَسّحْتَ كعبتهُ وما هُرِيقَ على الأنصاب من جسد
وقولُ الآخر:
فلا والله لا يُلقى لِمَا بي ولا لِمَا بهم أبداً دواءُ
وقالَ العُلماء : إنَّ هذا القَسَم يفيدُ تعظيمَ المُقْسَمِ به ، كما في قَوله تعالى: { فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } [الواقعة: 75، 76]، وقولُه أيضاً: { لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ } [القيامة: 1، 2]، فهذه كلُّها أقسام، وليسَ هذا من دَقائق اللغة – كما يُتَوَهَّم – إنَّما هو من أَولويَّاتِها ولكن…
ولو فَرَضنا جدلاً أنَّ (لا) نافية والجملة خبرية، فهي مُقيَّدة أي : لا أُقسِمُ به وأنتَ حِلٌّ بِه ، ولكن أُقْسِمُ بِهِ وأنتَ غيرُ حلٍّ بِهِ فلا تَناقُضَ عند ذلك .