من كرامات الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه
( الفالوذج في صحون الفيروزج)
قال علي بن الجعد: سمعت أبا يوسف ( التلميذ الأول لأبي حنيفة ) يقول:
توفي أبي وأنا صغير فأسلمتني أمي إلى قصار،
فكنت أمرُّ على حلقة أبي حنيفة فأجلس فيها،
فكانت أمي تتبعني فتأخذ بيدي من الحلقة وتذهب بي إلى القصار،
ثم كنت أخالفها في ذلك وأذهب إلى أبي حنيفة،
فلما طال ذلك عليها قالت لأبي حنيفة: إن هذا صبي يتيم ليس له شيء إلا ما أطعمه من مغزلي، وإنك قد أفسدته علي.
فقال لها: اسكتي يا رعناء، هاهوذا يتعلم العلم وسيأكل الفالوذج بدهن الفستق في صحون الفيروزج.
فقالت له: إنك شيخ قد خرفت.
قال أبو يوسف: فلما وليت القضاء – وكان أول من ولاه القضاء الهادي، وهو أول من لقب قاضي القضاة، وكان يقال له: قاضي قضاة الدنيا، لأنه كان يستنيب في سائر الأقاليم التي يحكم فيها الخليفة -.
قال أبو يوسف: فبينا أنا ذات يوم عند هرون الرشيد إذ أتي بفالوذج في صحن فيروزج فقال لي: كل من هذا، فإنه لا يصنع لنا في كل وقت.
وقلت: وما هذا يا أمير المؤمنين؟
قال: فتبسمت، فقال: مالك تتبسم؟
فقلت: لاشيء أبقى الله أمير المؤمنين.
فقصصت عليه القصة فقال: إن العلم ينفع ويرفع في الدنيا والآخرة.
ثم قال: رحم الله أبا حنيفة، فلقد كان ينظر بعين عقله ما لا ينظر بعين رأسه.
كتاب البداية و النهاية لابن كثير .
كتاب الأعلام للزركلي