- وما أجملَ ما سطَّرهُ العلَّامة جمال الدِّين القاسمي عن فيضِ مشاعره الجَيَّاشة تجاه المسجدِ الأقصى المبارك حين زيارته، فعبَّرَ عن مشاعرِه حينَ وصوله بمدادِ دموعه، فقالَ: «فلا تَسَل عمَّا هجمَ علينا مِن السُّرور المُفْرِطِ، وانشراحِ الصدر، وبهجةِ النَّفْس، وانتعاشِ الفؤاد، وحَسِبناهُ قطعةً من الجنَّة قد دخلناها حامدِين شاكرِين لفضله، ونحنُ نُكفـكفُ الدَّمـعَ فيَنْهمِل!»
القاسمي: رحلتي إلى البيت المُقـدَّس، (ص53 – 54).
- إنَّها فلسطين من أجلِها ذَرَفَت عُيُون، ولِتُربِها حَنَّت قُلُـوب، إنّها أرضُ الأقصى، ومَسرى نبيِّنا صلّى اللهُ عليه وسلّم، والقبلةُ التي توجّه إليها رسولُ الله بعد الهجرة سبعة عشر شهراً.
إنّها فلسطين، أرضُ الكثيرِ من الأنبياءِ والمرسلينَ، فعلى أرضِها عاشَ إبراهيمُ وإسحاقُ ويعقوبُ ويوسفُ ولوط وداود وسليمان وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وغيرُهمُ الكثيرُ ممن لم تُذكَر أسماؤهم من أنبياءِ بني إسرائيل.
انظر: الإسلام دين جميع الأنبياء
- إنّها فلسطين مَصْرَعُ الدَّجَّالِ ومَقتلُه، حيثُ يَلقاهُ عيسى عليه السلام، ويكون الدّجالُ عندَ نزولِ عيسى -عليه السلام- متوجّهاً نحو بيتِ المقدس، فيلحَقُ به عيسى عندَ بابِ ” لُد ” – بلدة في فلسطين قرب بيت المقدس -، فإذا رآه الدّجّال ذابَ كما يذوبُ الملحُ في الماءِ، فيقولُ له عيسى -عليه السلام-: ” إنَّ لي فيكَ ضربةً لن تفوتني ” فَيُدرِكُه سيدُنا عيسى فيَقتُلُه.
انظر النهاية في الفتن والملاحم ١/١٧٤ لابن كثير
- إنَّها فلسطين، كانَ عليها الكثيرُ من صحابةِ رسولِ اللهِ، منهم: عُبادةُ بنُ الصَّامِت، وشدَّادُ بنُ أَوْس، وأسامةُ بنُ زيدِ ابنِ حارثة، وواثِلَةُ بنُ الأَسْقَع، ودِحيةُ الكَلْبِيّ، وأَوسُ ابنُ الصَّامِت، ومَسعودُ بنُ أَوْس، وغيرُهم مِنَ الصَّحابةِ الكرام -رضي اللهُ عنهم-.
- إنَّها فلسطين، كان عليها الآلافُ من أعلامِ الأُمَّةِ وعلمائِها الذينَ أضَاؤُوا في سمائِها بُدوراً، ولمعُوا فيها نجوماً، ومِن هؤلاء: مالكُ بنُ دينار وسفيانُ الثَّوري وابنُ شهاب الزّهري والشافعيُّ وابن حجر العسقلاني وغيرُهم.
- نعم، هذه هي فلسطين. من أجلِها تَتَابَعَتِ التَّضحِيات، وعَظُمَ البذلُ والعطاءات.
ومن أجلِها سارَ أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب -رضيَ اللهُ عنه- من المدينة إليها؛ ليستلمَ مفاتيحَها طلباً من أهلها، وعليه ثيابٌ متواضعة مشققةُ الجوانب، متقلداً سيفه، يجرُّ بعيرَه بغلامِه، ثمّ قالَ الفاروقُ للفاتحين قولته المشهورة: «أنتم كنتم أذلَّ الناسِ، وأحقرَ الناسِ، وأقلَّ الناسِ، فأعزّكمُ اللهُ تباركَ وتعالى بالإسلامِ، فمهما تَطلبُوا العزَّ بغيرِه يُذلّكُم اللهُ تعالى».
«الجامع الكبير» ١٥/٤٦٨ للسيوطي