حُكمُ النَّردِ : ( الطَّاولة ) والألعاب الَّتي تعتمد على التَّخمينِ والحَظِّ
قالَ المناويُّ أيضاً : وقد اتَّفق السَّلفُ على حُرمةِ اللعب به ، ونقلَ ابنُ قدامةَ عليهِ الإجماع .
يقولَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ لَعِبَ بالنَّرْدَشِيْرِ فكأنما صَبَغَ يَدَهُ في لحَمِ خنزيرٍ ودمِه) [رواه مسلم] وروى أبو داودَ أيضاً : ( مَن لَعِبَ بالنَّردِ فقدْ عَصى اللهَ ورَسولَه“)
فما هو النَّردَشِير ؟
( هي الطاولةُ ) النردشيرُ: هو النَّرُدُ ، قالَ المَناوي في فيضِ القديرِ : ” النَّرْدَشِير هو النَّردُ ومعناهُ الفرسُ حُلوٌ ” .
وأما حُكمهُ فهو حرامٌ.
قال ابنُ نُجيمٍ الحنفي في البحرِ : ظاهرُ تقييدِه بما ذُكر استواءُ النردِ والشّطرنج، وليسَ كذلك فإنَّ اللعبَ بالنَّرْدِ مبطلٌ للعدالةِ مُطلقًا ، كما في [العِناية] وغيرِها ، للإجماعِ على حُرمتِه ، بخلاف الشطرنج ؛ لأنَّ للاجتهاد فيه مُساغاً ؛ لقول مالكٍ والشافعيِ بإباحته، وهو مرويٌ عن أبي يوسفٍ .
قال ابن حَجَر : ” ومُعْتَمَدُ تَحرِيمِ النَّرْدِ: الْحَزْرُ وَالتَّخْمِينُ الْمُؤَدِّي إلَى غَايَةٍ مِنْ السَّفَاهَةِ وَالْحُمْقِ. وقد قَاسَوا عليهما كلَّ ما في معناهما من أنواعِ اللهوِ ، فكلُّ ما مُعتمدُه الحسابُ والفكرُ لا يَحرُمُ ، وكلُّ ما معتمدُه التخمينُ يَحرُمُ ” . [تحفة المحتاج شرح المنهاج]
قال المناوي أيضاً : ” وقد اتفقَّ السَّلفُ على حُرمَةِ اللَّعبِ به ، ونقل ابن قُدامة عليه الإجماع ” .
وجاء في الترغيب والترهيب،[ ج 4، ص 4] قال الحافظ : “ذهبَ جمهورُ العلماء إلى أنَّ اللعبَ بالنردِ حرامٌ، ونقلَ بعض مشايخنا الإجماعَ على تحريمه”
” كان سعيد بن جُبير إذا مرَّ على أصحابِ النردشير لم يُسلم عليهم “
قِيلَ: سَبَبُ حُرْمَتِهِ أَنَّ وَاضِعَهُ سَابُورُ بْنُ أَرْدَشِيرَ أَوَّلُ مُلُوكِ سَاسَانَ، شَبَّهَ رُقْعَتَهُ بِوَجْهِ الْأَرْضِ، وَالتَّقْسِيمَ الرُّبَاعِيَّ بِالْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ، وَالشُّخُوصَ الثَلَاثِينَ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَالسَّوَادَ وَالْبَيَاضَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْبُيُوتَ الِاثْنَيْ عَشَرَ بِشُهُورِ السَّنَةِ، وَالْكِعَابَ الثَّلَاثَةَ بِالْأَقْضِيَةِ السَّمَاوِيَّةِ فِي مَا لِلْإِنْسَانِ وَعَلَيْهِ، وَمَا لَيْسَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَالْخِصَالَ بِالْأَغْرَاضِ الَّتِي يَسْعَى الْإِنْسَانُ لِأَجْلِهَا، وَاللَّعِبَ بِهَا بِالْكَسْبِ، فَصَارَ مَنْ يَلْعَبُ بِهِ حَقِيقًا بِالْوَعِيدِ لِاجْتِهَادِهِ فِي إِحْيَاءِ سُنَّةِ الْمَجُوسِ الْمُسْتَكْبِرَةِ عَلَى اللَّهِ.
العلة في التحريم:
قال الرافعي : “. قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَيُقَاسُ بِهِمَا كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ اللَّهْوِ فَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ الْحِسَابُ وَالْفِكْرُ كَالْمِنْقَلَةِ حُفَرٌ أَوْ خُطُوطٌ يُنْقَلُ مِنْهَا وَإِلَيْهَا حَصىً بِالْحِسَابِ لَا يَحْرُمُ ، وَكُلُّ مَا مُعْتَمَدُهُ التَّخْمِينُ يَحْرُمُ كالنرد ونحوه، والنرد مَوضُوعه ما يُخرجُه الكَعبان : أي الحَصَى فهو كالأزلَام “
يقولُ الشيخُ شَرفُ الدِّينِ أحمدُ إسماعيلُ – عضوُ لجنةِ الفتوى بالأزهر :إنّ المسلمَ مسؤولٌ أمامَ اللهِ تعالى عن عمُرهِ ، ولا ينبغي أنْ يضيّعَ عُمرهُ في غيرِ فائدةٍ لقولِ الرّسولِ صلّى اللهُ عليه وسلم ( لا تزولُ قَدمَا عبدٍ حتى يُسألَ عن أربعٍ عنْ عُمرهِ فيما أفناهُ وعن شبابهِ فيما أبلاهُ وعن عِلْمهِ ماذا عَمِلَ بهِ وعن مالهِ مِن أين اكتسبَه وفيما أنفقَهُ) .ولمّا كان اللّعبُ بالورقِ – الكوتشينة- مضيَعةٌ للوقتِ وليس فيهِ فائدةٌ للمسلمِ لأنّ وقتَ المسلمِ هو حياتُه ورأسُ مالِ عملهِ وعبادتِهِ فلا يحلُّ لهُ أنْ يضيَّعَهُ هباءً
لِذا فإنَّ اللّعبَ بالشّدةِ حرامٌ حتّى ولو كانَ للتّسليةِ وذلكَ لأنّه ممكنٌ أ نْ يَجُرَّ إلى اللّعبِ بالقِمارِ ، فالبُعدُ عنهُ أولى .اهـ
وذَكرَ الدكتورُ البوطي في كتابه (معَ الناسِ )ص190 لمَّا سُئلَ عن حُكمِ اللَّعبِ بالورقِ والنَّرْدِ
فقال : اللعبُ بالنَّرْدِ محرّمٌ بنصٍّ صريحٍ من كلامِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلم وبالجُملةِ فكلُّ أنواعِ اللعبِ التي تدورُ على محورِ الحظِّ دونَ تدخلٍ منَ التّدبيرِ والفكرِ مُحرَّمٌ في الشرعِ بعكسِ الألعابِ القائمةِ على تحريكِ الفكرِ وعلى التدبيرِ الذّهني أو على التّنشيطِ العضَليّ ومن ذلك لعبةُ الشَّطرنجِ مالمْ يتخذِ الإنسانُ منها دَيْنونةً تُنسِيهِ شيئاً من واجباتِه ووظائفِهِ الدّنيويّةِ أو الآخرويةِ .