الشبهة وردها بالفصيل:
الحجابُ وسيلةٌ لإخفاءِ الشَّخصيَّةِ:
الشّبهةُ:
يقولُ بعضهم: إنّ الحجابَ يسهّلُ عمليَّةَ إخفاءِ الشّخصيَّةِ، فقد يتستّرُ وراءهُ بعضُ النّساءِ اللّواتي يقترفْنَ الفواحشَ
الرد:
1- يشرعُ للمرأةِ في الإسلامِ أن تسترَ وجهها لأنَّ ذلكَ أزكى وأطهرَ لقلوبِ المؤمنينَ والمؤمناتِ. وكلُّ عاقلٍ يفهمُ من سلوكِ المرأةِ الّتي تُبالغُ في سترِ نفسها حتّى أنّها لا تُبدي وجهًا ولا كفّاً ـ فضلاً عن سائرِ بدنِهَا ـ أنَّ هذا دليلُ الاستعفافِ والصيانةِ، وكلّ عاقلِ يعلمُ أيضًا أنَّ تبرّجَ المرأةِ وإظهارَها زينتَها يُشعرُ بوقاحَتِها وقلَّةِ حيائِها وهوانِها على نفسها، ومن ثمَّ فهيَ الأَولى أن يُساءَ بها الظنُّ بقرينةِ مسلكِهَا الوخيمِ حيثُ تَعرِضُ زينتَها كالسّلعةِ، فتجرّ على نفسِهَا وصمةَ خُبثِ النيةِ وفسادِ الطويةِ وطمعِ الذئابِ البشريَّةِ
2- إنّ من المتواترِ لدى الكافّةِ أنَّ المسلمةَ التي تتحجَّبُ في هذا الزّمانِ تذوقُ الويلاتِ من الأجهزةِ الحكوميّةِ والإداراتِ الجامعيةِ والحملاتِ الإعلاميةِ والسفاهاتِ من المنافقينَ في كلِّ مكانٍ، ثم هي تصبرُ على هذا كلِّهِ ابتغاءَ وجهِ الله تعالى، ولا يفعلُ هذا إلا مؤمنةٌ صادقةٌ ربّاها القرآنُ والسنةُ، فإذا حاولتْ فاسقةٌ مستهترةٌ ساقطةٌ أن تتجلببَ بجلبابِ الحياءِ وتُواري عن الأعينِ بارتداءِ شعارِ العفافِ ورمزِ الصّيانةِ وتسترَ عن ِالناسِ آفاتِهَا وفجورَها بمظهرِ الحصانِ الرّزانِ فما ذنبُ الحجابِ إذًا؟!
إن الاستثناءَ يؤيِّدُ القاعدةَ ولا ينقضها كما هو معلومٌ لكلّ ذي عقلٍ، مع أنَّ نفسَ هذهِ المجتمعاتِ التي يُروَّجُ فيها هذه الأراجيفُ قد بلغتْ من الانحدارِ والتردّي في مهاوي التبرّجِ والفسوقِ والعصيانِ ما يُغني الفاسقاتِ عن التستّرِ، ولا يحوِجهنّ إلى التواري عن الأعينِ.
وإذا كان بعضُ المنافقينَ يتشدّقونَ بأنَّ في هذا خطرًا على ما يسمّونهُ الأمنَ فليبيّنوا كيفَ يهتزُّ الأمنُ ويختلُّ بسببِ المتحجِّباتِ المُتستّراتِ، معَ أنَّهُ لم يتزلزلْ مرةً واحدةً بسببِ السّافراتِ والمتبرّجاتِ!!.
3- لو أنّ رجلاً انتحلَ شخصيّةَ قائدٍ عسكريٍّ كبيرٍ، وارتدى بزَّتَهُ، وتحايَلَ بذلكَ واستغلَّ هذا الثَّوبَ فيما لا يُباحُ لهُ كيفَ تكونُ عقوبتُهُ؟! وهل يصلحُ سلوكُهُ مبررًا للمطالبةِ بإلغاءِ الزّيِّ المميّزِ للعسكريّينَ مَثلاً خَشيةَ أن يُسيءَ أحدٌ استعمالَهُ؟!
وما يُقالُ عنِ البزَّةِ العسكريَّةِ يُقالُ عن لباسِ الفتوِّ، وزيِّ الرّياضةِ، فإذا وُجِدَ في المجتمعِ الجنديُّ الذي يخونُ والفتى الّذي يُسيءُ والرّياضيُّ الذي يُذنبُ هل يقولُ عاقلٌ: إنَّ على الأمَّةِ أن تُحاربَ شعارَ العسكرِ ولباسَ الفتوّةِ وزيَّ الرياضةِ لخياناتٍ ظهرتْ وإساءاتٍ تكرّرتْ؟! فإذا كان الرد: “لا” فلماذا يقفُ أعداءُ الإسلامِ منَ الحجابِ هذا المَوقفَ المُعادي؟! ولماذا يُثيرونَ حوله الشائعاتِ الباطلةَ المُغرضةَ؟!
4- إنَّ الإسلامَ كما يَأمرُ المرأةَ بالحجابِ يأمُرُها أن تكونَ ذاتَ خُلُقٍ ودِينٍ، إنّهُ يُربّي من تحتِ الحجابِ قبلَ أن يسدلَ عليها الجلبابَ، ويقولُ لها: {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26]، حتّى تصلَ إلى قمةِ الطُّهرِ والكَمالِ قبلَ أن تصلَ إلى قمةِ السّترِ والاحتجابِ، فإذا اقتصرتْ امرأةٌ على أحدِهما دونَ الآخرِ تكونُ كمن يمشي على رجلٍ واحدةٍ أو يطيرُ بجناحٍ واحدٍ.
إنَّ التّصدّي لهؤلاءِ المُستهتراتِ ـ إذا وُجدنَ ـ أن تصدرَ قوانينٌ صارمة ٌ بتشديدِ العقوبةِ على كلِّ من تُسوّلُ لهُ نفسُه استغلالَ الحجابِ لتسهيلِ الجرائمِ وإشباعِ الأهواءِ، فمثلُ هذا التَّشديدِ جائزٌ شرعًا في شريعةِ اللهِ الغرَّاءَ التي حرصَتْ على صيانةِ النّفسِ ووقايةِ العِرضِ، وجعلتهما فوقَ كلِّ اعتبارٍ، وإذا كانَ التّخوُّفُ من سوءِ استغلالِ الحجابِ مخطرةٌ محتملةٌ إلا أنَّ المخطرةَ في التبرجِ والسفورِ بنشرِ الفاحشةِ وفتحِ ذرائعها مقطوعٌ بها لدى كلِّ عاقلٍ