الشبهة وردها بالفصيل:
الحجابُ من عاداتِ الجاهليّةِ فهوَ تخلُّفٌ ورجعيَّةٌ:
الشّبهةُ:
قالوا: إنَّ الحجابَ كان َمن عاداتِ العربِ في الجاهليَّةِ، لأنَّ العربَ طُبِعوا على حمايةِ الشّرفِ، ووأدوا البناتِ خوفًا من العارِ، فألزموا النّساءَ بالحجابِ تعصّبًا لعاداتهم القبليَّةِ الّتي جاءَ الإسلامُ بذمّها وإبطالِها، حتّى إنّه أبطلَ الحجابَ، فالالتزامُ بالحجابِ رجعيَّةٌ وتخلّفٌ عن ركبِ الحضارةِ والتّقدّمِ.
الرد:
1- إنَّ الحجابَ الّذي فرضَهُ الإسلامُ على المرأةِ لم يعرفْهُ العربُ قبلَ الإسلامِ، بل لقد ذمَّ اللهُ تعالى تبرُّجَ نساءِ الجاهليَّةِ، فوجَّهَ نساءَ المسلمينَ إلى عدمِ التَّبرّجِ حتّى لا يتشبَّهنَ بنساءِ الجاهليَّةِ، فقال جلَّ شأنُه: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33].
كما أنَّ الأحاديثَ الحافلةَ بذمِّ تغييرِ خلقِ اللهِ أوضحتْ أنّ وصلَ الشعرِ والتنمّصَ كانَ شائعًا في نساءِ اليَهودِ قبلَ الإسلامِ، ومنَ المعروفِ أنّهُ ممّا تستخدمُهُ المتبرّجاتُ.
صحيحٌ أنَّ الإسلامَ أتى فأبطلَ عاداتٍ ذميمةً للعربِ، ولكن بالإضافةِ إلى ذلكَ كانت لهم عاداتٌ جميلةٌ أقرَّها الإسلامُ فلم يُبطلها، كإكرامِ الضَّيفِ والجودِ والشجاعةِ وغيرِ ذلكَ.
وكانَ من ضمنِ عاداتهم الذَّميمةِ خروجُ النساءِ متبرّجاتٍ كاشفاتٍ الوجوهَ والأعناقَ، بادياتٍ الزينةَ، ففرضَ اللهُ الحجابَ على المرأةِ بعدَ الإسلامِ ليرتقي بها ويصونَ كرامَتها، ويمنعَ عنها أذى الفسّاقِ والمغرضينَ.
2- إذا كانت النساءُ المسلماتُ راضياتٍ بلباسهنَّ الذي لا يجعلهنَّ في زمرةِ الرّجعيّاتِ والمتخلِّفاتِ فما الّذي يضيرُ التقدميّينَ في ذلكَ؟! وإذا كنَّ يلبسنَ الحجابَ ولا يتأفَّفنَ منهُ فما الذي حشرَ التقدميّينَ في قضيّةٍ فرديةٍ شخصيةٍ كهذهِ؟! ومنَ العجبِ أن تسمعَ منهم الدعوةَ إلى الحريّةِ الشّخصيَّةِ وتقديسِها، فلا يجوزُ أن يمسَّها أحدٌ، ثمَّ هم يتدخّلونَ في حريَّةِ غيرهم في ارتداءِ ما شاؤوا من الثيابِ.
3- إنّ التخلّفَ له أسبابُه، والتقدمَ له أسبابُه، وإقحامُ شريعةِ السترِ والأخلاقِ في هذا الأمرِ خدعةٌ مكشوفةٌ، لا تنطلي إلا على متخلّفٍ عن مستوى الفكرِ والنّظَرِ، ومنذ متى كان التقدّمُ والحضارةُ متعلّقَينِ بلباسِ الإنسانِ؟! إنَّ الحضارةَ والتّقدُّمَ والتّطورَ كان نتيجةَ أبحاثٍ تَوصَّلَ إليها الإنسانُ بعقلِهِ وإعمالِ فكرهِ، ولم تكن بثَوبِهِ ومظهرِهِ