8- فقد بيَّن الإمام الحجَّة الأصولي شهاب الدين أبو العباس القَرَافي المالكي رحمه الله تعالى في كتابه “شرح التنقيح بيانَ حال المتأهِّل لهذا المقام فقال: ” لا يوجد عالِم إلا وقد خالفَ من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم أدلةً كثيرة، ولكن لمُعارِضٍ راجحٍ عليها عند مخالفتها، وكذلك مالك رضي الله عنه ترَك هذا الحديث لمُعارِضٍ راجحٍ عنده، وهو عملُ أهل المدينة، فليس هذا بابا اخترَعه مالك ولا بدعةً ابتدعها.
ومن هذا الباب ما يُروى عن الإمام الشافعي رضي الله عنه أنه قال: ” إذا صح الحديث فهو مذهبي ” فمراده مع عدم المُعارض، وليس هذا القول خاصا بمذهبه كما ظنه بعضهم.
يتبع…
ويقول أيضاً: كثيرٌ من فقهاء الشافعية يعتمدون على هذا ويقولون: مذهب الشافعي كذا، لأن الحديث صح فيه. وهو غلط، لأنه لابدَّ من انتفاءِ المعارِض، والعلمُ بعدم المعارض يتوقَّفُ على مَن له أهليةُ استقراء الشريعةِ حتى يَحسُنَ أن يقالَ: لا معارضَ لهذا الحديث، أما استقراءُ غيرِ المجتهد المطلق فلا عبرة به. فهذا القائلُ من الشافعية ينبغي أن يحصِّل لنفسه أهليةَ الاستقراء قبل أن يصرّح بهذه الفُتيا”.